للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلموا على نحرير شويزان بالإمارة، وخرجوا يحجبونه إلى داره، وبقى أحمد بن على بن الإخشيد لا يفكّر فيه.

واستعدوا للحرب، وساروا لعشر خلون من شعبان، فنزلوا الجزيرة بالرجال والسلاح، ووافى جوهر الجزيرة، فلما شاهد ما فعلوه عاد إلى منية شلقان (١)، وعبر إلى مصر من ذلك الموضع، وأرسل فاستقبل المراكب الواردة من تنّيس (٢) ودمياط وأسفل الأرض (٣) فأخذها، وتولى العبور إليهم جعفر (٤) بن فلاح عريانا فى سراويل مع جمع من المغاربة، وبلغ الإخشيدية، فأنفذوا نحرير الأرغلى، ويمن الطويل، ومبشر الإخشيدى فى خلق، فساروا إلى الموضع، وكانوا قد وكلوا به مزاحم بن محمد بن رائق فلقوه راجعا، ووقع القتال فقتل خلق من المصريين.

وانصرف الناس عشية الأحد النصف من شعبان، فلما كان نصف الليل انصرف من كان بالجزيرة إلى دورهم، وأصبحوا غادين إلى الشام، وقد قتل جماعة، منهم: نحرير الأرغلى، ومبشر الإخشيدى، ويمن الطويل، وخلق كثير.

وأصبح الناس على خطة عظيمة، فبكروا فى يوم الاثنين إلى دار الشريف مسلم يسألونه الكتاب إلى جوهر فى إعادة أمانهم، فكتب إليه، وجلس الناس عنده، وقد طاف علىّ بن


(١) تعرف اليوم باسم شلقان، وهى قرية شرقى القناطر الخيرية بمركز قليوب
(٢) كانت تنيس مدينة قديمة وهى جزيرة وسط بحيرة تحمل نفس الاسم، وهى التى تسمى اليوم بحيرة المنزلة، وقد كان لتنيس فى العصور الوسطى شأن خطير من الناحيتين الحربية والصناعية، فقد كان الروم يغيرون عليها بأساطيلهم كلما فكروا فى غزو مصر، ولهذا كانت بها دار صناعة وأسطول مقيم، وكانت بها حصون وقلاع قوية، كما كانت تنيس مركزا هاما من مراكز صناعة النسيج فى مصر فى تلك العصور، ويرى المقريزى أنه فى سنة ٥٨٨ هـ صدرت الأوامر باخلاء تنيس فأخليت ونقل أهلها الى دمياط،
وفى شوال سنة ٦٢٤ هـ أمر الكامل محمد الأيوبى بهدم تنيس. انظر: (الخطط، ج ١، ص ٢٨٤ - ٢٩٣).
(٣) المقصود بأسفل الأرض فى تلك العصور الوجه البحرى.
(٤) جعفر بن فلاح من أكبر قواد المعز، صحب جوهر، واشترك فى فتح مصر، ثم سار لفتح الشام فاستولى على الرملة فى آخر سنة ٣٥٨ هـ، وعلى دمشق فى أول سنة ٣٥٩ هـ، وأقام بها الى سنة ٣٦٠ حيث قصده الحسن بن أحمد القرمطى وقاتله وقتله.