للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحضرته اثنا (١) عشر ألف صبى وفوقها ودونها، وختن من أهل صقلية وحدها خمسة عشر ألف صبى، وكان وزن خرق الأكياس المفرغة مما أنفق فى هذا الإعذار مائة وسبعين قنطارا (٢) بالبغدادى.

واستدعى المعز - وهو بالمنصورية - فى يوم شات باردة الريح عدّة شيوخ من شيوخ كتامة، وأمر بادخالهم إليه من غير الباب الذى جرى الرسم به، فإذا هو فى مجلس مربع كبير مفروش باللبود على مطارح، وحوله كساء، وعليه جبة، وحواليه أبواب مفتحة تفضى إلى خزائن كتب، وبين يديه مرفع ودواة، وكتب حواليه، فقال:

«يا إخواننا: أصبحت اليوم فى مثل هذا الشتاء والبرد، فقلت لأم الأمراء - وإنها الآن بحيث تسمع كلامى -: أترى إخواننا يظنون أنا فى مثل هذا اليوم نأكل ونشرب ونتقلّب فى المثقل (٣) والديباج (٤) والحرير والفنّك (٥) والسّمّور والمسك والخمر والغناء كما يفعل أرباب الدنيا؟!

ثم رأيت أن أنفذ إليكم فأحضركم لتشاهدوا حالى إذا خلوت دونكم واحتجبت عنكم، وأنى لا أفضلكم فى أحوالكم إلا فيما لا بد لى منه من دنياكم، وبما خصّنى الله به من إمامتكم، وأنى مشغول بكتب ترد على من المشرق والمغرب أجيب عنها بخطى، وأنى لا أشتغل بشئ من ملاذ الدنيا إلا بما صان أرواحكم، وعمّر بلادكم، وأذلّ أعداءكم، وقمع أضدادكم.


(١) فى النسختين: «اثنى»، وما أثبتناه هو الصحيح
(٢) هذا اللفظ من أصل لاتينى هو " Quintale " ، ومقابله بالفرنسية والاسبانية والانجليزية" Quintal "
(٣) المثقل من الثياب ما كان منسوجا بالذهب.
(٤) الديباج من أقدم الاقمشة الثمينة المعروفة فى الشرق قبل الاسلام، وكان يصنع فى الصين وأرمينية، ويغلب أن يكون من الحرير. انظر: (عبد العزيز مرزوق: الزخرفة المنسوجة فى الأقمشة الفاطمية، ص ٣٩، هامش ٣)
(٥) عرف (Dozy:Supp.Dict.Arab) الفنك بأنه نوع صغير جدا من الثعالب فى حجم القط يسكن الأقاليم الحارة فى افريقية من الحبشة ودارفور الى شمال القارة، وجاء فى (محيط المحيط) أن الفنك حيوان فروته أحسن الفراء وأعدلها، قيل هو نوع من جراء الثعلب التركى، وقيل يطلق على جرو ابن آوى فى بلاد الترك» والمقصود باللفظ هنا الفراء لا الحيوان.