للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره، فسار إلى تاهرت، وحارب قوما، وافتتح مدنا، ونهب وأحرق، وسار إلى فاس (١) فنازلها مدة، وسار إلى سجلماسة، وقد قام بها رجل (٢) وتلقب بالشاكر لله، وخوطب بأمير المؤمنين، ففرّ من جوهر فتبعه حتى أخذه أسيرا.

ومضى [جوهر] إلى البحر المحيط، فأمر أن يصاد من سمكه، وبعثه فى قلال الماء إلى المعز، وسلك ما هنالك من البلاد فافتتحها، ثم عاد فقاتل أهل فاس حتى افتتحها عنوة، وقبض على صاحبها، وجعله مع صاحب سجلماسة فى قفصين، وحملهما إلى المعز بالمهدية، وعاد فى أخريات السنة.

وفى سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة كان إعذار (٣) المعز لدين الله الأمراء بنيه: عبد الله، وتزار، وعقيل؛ فحين عزم على طهورهم كاتب عمّاله وولاته من لدن برقة إلى أقصى سجلماسة، وما بين ذلك، وما حوته مملكته إلى جزيرة صقلية وما والاها، فى حضر وبدو، وبحر وبر، وسهل وجبل، بطهور من وجد من أولاد سائر الخلق، حرّهم وعبدهم، وأبيضهم وأسودهم، ودنيئهم وشريفهم، ومليهم وذميهم، الذين حوتهم مملكته، لمدة شهر، وتوعّد على ترك ذلك، وأمرهم بالقيام بجميع نفقاتهم وكسوتهم، وما يصلح أحوالهم من مطعم ومشرب وملبس وطيب وغيره بمقدار رتبهم وأحوالهم، فكان من جملة المنفق فى ذلك مما حمل إلى جزيرة صقلية وحدها من المال - سوى الخلع والثياب - خمسون حملا من الدنانير، كلّ حمل عشرة آلاف دينار، ومثل ذلك إلى كل عامل من عمال مملكته ليفرقه على أهل عمله.

وابتدئ بالختان فى مستهل ربيع الأول منها، فكان المعز يطهر فى اليوم من أيام الشهر


(١) قال ياقوت: «هى مدينة كبيرة على بر المغرب من بلاد البربر، وهى حاضرة المغرب وأجل مدنه قبل أن تختط مراكش .. وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها الا غرناطة بالأندلس»، وقال البكرى: «مدينة فاس مدينتان مفترقتان مسورتان، عدوة القرويين وعدوة الأندلسيين … وأسست عدوة الأندلسيين .. فى سنة ١٩٢، وعدوة القرويين فى سنة ١٩٣ فى ولاية ادريس بن ادريس .. الخ».
(٢) يوجز المقريزى هنا فى هذا الفصل عن: (الأثير: الكامل، ج ٨، ص ٢٠٧) واسم هذا الرجل هناك: «محمد بن واسول».
(٣) أعذر الغلام وعذره أى ختنه، وللقوم عمل طعام الختان (القاموس)