للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فافعلوا يا شيوخ فى خلوتكم مثل ما أفعله، ولا تظهروا التجبر والتكبر، فينزع الله النعمة عنكم، وينقلها إلى غيركم، وتحننوا على من وراءكم ممن لا يصل إلىّ كتحننى عليكم، ليتصل فى الناس الجميل، ويكثر الخير، وينتشر العدل.

وأقبلوا بعدها على نسائكم، والزموا الواحدة التى تكون لكم، ولا تشرهوا إلى التكثير منهن، والرغبة فيهن، فيتنغص عيشكم، وتعود المضرة عليكم، وتنهكوا أبدانكم، وتذهب قوتكم، وتضعف نحائزكم (١)؛ فحسب الرجل الواحد الواحدة، ونحن محتاجون إلى نصرتكم بأبدانكم وعقولكم.

واعلموا أنكم إذا لزمتم ما آمركم به رجوت أن يقرّب الله علينا أمر المشرق كما قرّب أمر المغرب بكم. انهضوا رحمكم الله ونصركم».

وفى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة أمر [المعز] بحفر الآبار فى طريق مصر، وأن يبنى له فى كل منزلة قصر، ففعل ذلك.

وفى يوم الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة من السنة وردت النجب من مصر بموت كافور الإخشيدي يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأولى (٢).

واستدعى [المعز] يوما أبا جعفر بن حسين بن مهذب - صاحب بيت المال - وهو بالمغرب، فوجده فى وسط القصر جالسا على صندوق، وبين يديه ألوف صناديق مبددة فى صحن القصر، فقال له:

«هذه صناديق مال، وقد شذّ عنّى ترتيبها، فانظرها ورتبها».

قال: «فأخذت أجمعها إلى أن صارت مرتبة، وبين يدىّ جماعة من خدام بيت المال والفراشين»، وأنفذت إليه أعلمه، فأمر برفعها فى الخرائن على ترتيبها، وأن يغلق عليها، وتختم بخاتمه، وقال: «قد خرجت عن خاتمنا وصارت إليك» ففعل.


(١) نحائزكم أى أصولكم، فالنحاز - بكسر النون وضمها - الأصل (القاموس)
(٢) يفهم من النص هنا أن كافورا توفى فى العشرين من جمادى الأولى سنة ٣٥٥ هـ، والصحيح أن الوفاة حدثت فى هذا التاريخ من سنة ٣٥٧، فهذا اليوم من سنة ٣٥٥ ليس يوم أربعاء، وانما هو يوم أربعاء فى سنة ٣٥٧. انظر: (النجوم الزاهرة، ج ٤ ص ١٠ و ٢١) و (التوفيقات الالهامية).