للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني: أنّ النّور هاهنا القرآن، قاله (١) زيد بن أسلم - رضي الله عنه - والمعنى مثل ما أنار الله من القلوب بهذا التنزيل {(كَمِشْكاةٍ)} وهي القائم في وسط القنديل (٢) الذي تدخل فيه الفتيلة، وقيل (٣): المشكاة الكوّة غير النافذة، تكون فيها الزّجاجة ويكون في الزّجاجة مصباح، فالمشكاة كناية عن صدر المؤمن، والزّجاجة كناية عن قلبه، وشبّهها في صفاها بالكوكب الدّرّي.

قال الضّحاك (٤): الكوكب هنا يراد به الزهرة، وهو منسوب إلى الدّر. قال الزهراوي: فضله في الضياء على سائر الكواكب كفضل الدّرّ على سائر الحبّ والمصباح كناية عن الإيمان والقرآن.

ومعنى (يوقد من شجرة مباركة) أي من دهن شجرة، وكنّي بها عن شجرة الإخلاص في قول بعضهم، ومعنى (نور على نور) أي (٥) نور النّار ونور الزّيت، ونور الزّجاجة، فكذلك القرآن نور وحججه نور، والعمل به نور، والإيمان نور، وقلب المؤمن نور، وعمله نور، ومصيره يوم القيامة إلى النّور.

نكتة: قال الإمام (٦) جمال الإسلام أبو القاسم القشيريّ - رحمه الله -:

العالم كلّه مبنيّ على سبعة أشياء: ضوء، ونور وظلام، ولطافة، وكثافة (٧)، ورقّة، ودقّة، فالضوء للشّمس، والنور للقمر والظلام للشّياطين، واللّطافة


(١) أخرجه الطبري في تفسيره: ١٨/ ١٣٧ عن زيد بن أسلم. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٦/ ٤٠ عن سفيان.
(٢) ذكره الطبري في تفسيره: ١٨/ ١٣٧، ١٣٩ عن ابن عباس ومجاهد وابن الجوزي في زاد المسير: ٦/ ٤٠ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) ذكره الفراء في معاني القرآن: ١٢/ ٢٥٢.وأخرجه الطبري في تفسيره: ١٨/ ١٣٧، ١٣٩ عن كعب الأحبار وعن الحسن وسعيد بن عياض وابن عمر، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٦/ ٤٠ عن كعب الأحبار.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره: ١٢/ ٢٥٨.
(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٦/ ٦٣ عن أبي سليمان الدمشقي.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) الكثافة: الغلظ، والكثيف: اسم يوصف به العسكر والسحاب والماء. انظر: الصحاح: ٤/ ١٤٢٠ مادة كثف. ترتيب القاموس المحيط: ٤/ ١٩ مادة (كثف).

<<  <  ج: ص:  >  >>