وقول المصنّف: وقال أبو علي في "الحجّة" قال أبو الحسن: فسّرته العرب .. الخ. أقول: قاله أبو علي في آخر سورة الفاتحة بهذا اللّفظ من غير زيادة ولا نقص، وكذا أورده في هذا الموضع أبو حيّان في "البحر" قال: واستدلّوا أيضًا على زيادة "لا" ببيت أنشده المفسّرون وهو: أبي جوده لا البخلَ" زعموا أنَّ "لا" زائدة والبخل مفعول بأبى، ولا دليل في ذلك بل الأظهر أنَّ "لا" مفعول بأبى، وأنَّ لفظة "لا" لا تتعلق بها وصارا اإسنادًا لفظيًا ولذلك قال: واستعجلت به نعم، فجعل "نعم" فاعلة بقوله استعجلت، وهو إسناد لفظيّ، والبخل: بدل من لا، أو مفعول من أجله. انتهى.
وقد أورد الجوهري البيت في آخر "الصّحاح" ورواه بنصب البخل وجره وفي بعض نسخه: الجوع، وفي بعضها: الجود. وبيّن ابن بري في "أماليه" وجه النّصب والجرّ ولم يتعرّض لرواية الجود والجوع. قال: من خفض البخل فعلى الإضافة. ومن نصبه جعله نعتًا لـ "لا" ولا اسم وهي مفعول لأبى. هذا كلامه.
أقول: قد بيّن كونه نعتًا على بن عيسى الرّماني في كتاب "الحروف" قال في نصب البخل: "لا" زائدة، وفيه وجه ثانٍ، وهو أن يكون البخل بدلًا من "لا" لأنَّ المعنى مشتمل عليه، وتكون "لا" على هذا الوجه اسمًا، وكان يجب أن يمدّ إلَّا أنّه حكاها على نحو ما يستعمل، ليعلم أنها تلك بعينها، ويجوز أن يكون البخل وصفًا لـ "لا" على تقدير حذف المضاف، كأنّه قال: أبى جوده لا ذات البخلِ، ثمَّ حذف فأقيم المضاف إليه مقامه. انتهى. وذات بمعنى: صاحبة. وقال الأندلسي في "شرحِ المفصّل": ويجوز رفع البخل على أنّه خبر مبتدأ، أي: هو البخل، يريد أنَّ الرّفع على الذّم، وكذا يجوز في رواية النّصب أن يكون منصوبًا على الذَّم بتقدير: أعني أو أذم فيكون في النّصب خمسة أوجه.
وقال ابن مرزوق: والبيت وجد في نسخة مظنون بها الصّحة من "صحاح الجوهري" لفظة "الجوع" بدلًا من "الجود" بالعين مكان الدّال، وقال بعض من طرر على