وفصل بقوله: مانع بين نائل ومعموله الذي هو شيئًا من المال وهو أجنبي منه وفصل أيضًا بين مانع، وبين قوله: في غد بما هو أجنبي منها، والمعنى أنت امرؤٌ لا تنال اليوم شيئًا من المال، وتمنعه غدًا، أي: لا تدخر ولا تخزن، ولكن تجود به وتهبه، فقوله: أنت تأكيد لما في مانع، وجعلت واهبة بدلًا مما في مانع، لأنه هو هو كما أبدلت قوله سبحانه:(إن ربي يقذفُ بالحق علّام الغيوب)[سبأ: ٤٨]، فيمن رفع من الذكر المرفوع في (يقذف) وإن شئت جعلت النائل اسم العطاء، كما قال:
له صدقاتٌ ما تغبُّ ونائلٌ
فتنصب النائل بمانع، كأنه لا مانع نائل اليوم من المال شيئًا فيكون انتصاب شيء على أحد أمرين، إما أن يكون وضعه موضع المصدر، أو قدّر فيه الباء وحذفها، وفي غد: متعلق بمانع، كأنه: لا يمنع ما تناله اليوم في غد، أي: تجود بما تنال اليوم في غد، وانت واهبه: ابتداء وخبر، وإن جعلت أنت تأكيدًا لما في مانع على المعنى، أضمرت مبتدأ، وإن شئت أبدلت اسم الفاعل من الذكر كما تقدم. انتهى كلامه
[وأنشد فيه، وهو الإنشاد السادس والثمانون بعد الأربعمائة]
(٤٨٦) ألا ليس إلا ما قضى الله كائن ... وما يستطيع المرء نفعًا ولا ضرًا
على أن في "ليس" ضمير الشأن، وما مبتدأ موصول، وقضى الله صلته، والعائد محذوف، أي: قضاه الله، وكائن: خبر المبتدأ، والجملة في موضع خبر ليس على بسيل التفريغ، وهذا البحث ملخص من "شرح التسهيل" لأبي حيان، وهذا البيت والمصراع الذي بعده فيه، ولم أقف على قائله، والله أعلم.