على أن الفعل بعد لولا محذوف، والتقدير: لولا عددتم، لا: لولا تعدون لما ذكره، وفيه نظر، لأن قرينة المحذوف مضارع، فقدروا المحذوف مضارعًا ليطابق قرينه، فإذا أريد بالمذكور حكاية الحال كان المراد بالمقدر كذلك، وممن قدره مضارعًا المبرد، قال في "الكامل": "لولا" هذه لا يليها إلا الفعل لأنها للأمر والتخضيض مظهرًا أو مضمرًا، كما قال:"تعدون عقر النيب .. البيت." أي: هلا تعدون الكمي المقنع، وتعدون بمعنى تحسبون يتعدى إلى مفعولين، فعقر النيب: المفعول الأول، وأفضل مجدكم: المفعول الثاني، والكمي مفعول تعدون المضمر بتقدير مضاف، والمفعول الثاني محذوف أيضًا بقرينة المتقدم، والأصل: لولا تعدون عقر الكمي المقنع أفضل مجدكم، ففيه حذف ثلاثة مضافات، وإنما قدر عقر، ولم تجعل الكمي مفعولًا، لأن معنى البيت ليس الفخر في عقر النوق والجمال، إنما الفخر بقتل الشجعان والأبطال.
وقال ابن الشجري: أراد لولا تعدون الكمي، أي: ليس فيكم كمي، فتعدوه. انتهى. فيكون المعنى عنده: هلا تعدون الكمي المقنع منكم، فأنتم جبناء لا كماة فيكم، وهذا وإن كان في نفسه معنى صحيحًا إلا أنه ليس بمراد أصالة، وإنما المراد: أنتم إنما تقدرون على قتل البهائم، ولا تقدرون على قتل الرجال، وما قال لازم ما ذكرناه، لأن من لا يقدر على قتل الرجال يلزم أن لا يكون شجعيًا، وقال أبو علي في كتاب "الشعر": الناصب للكمي هو الفعل المراد بعد لولا، وتقديره: لولا تلون الكمي، أو تبارزون، أو نحو ذلك، إلا أن الفعل حذف لدلالتها عليه.