للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعله اسمًا، لزمه أن يكون على ما تكون عليه الأسماء، وساغت الإضافة، لأنَّ "لا" قد تكون للجود كما تكون للبخل، فقياس الألف في "لا" أن تكون عينًا في موضع حركة، ولا تكون على حدها قبل النّقل، ألا ترى أنَّ الضّمّة في قولك: هي الفُلُك غير الضّمة في قولك: هو المُلُك. انتهى.

وقول المصنّف: وقال آخر: لا، مفعول به، والبخل، مفعول لأجله .. الخ. قال أبو حيّان في تفسير (مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) من سورة الأعراف [الآية/ ١٢]، قال الزّجَاج: "لا" مفعولة، والبخل بدل منها، وقد خرجته أنا تخريجًا آخر وهو أن ينتصب البخل على أنّه مفعول من أجله، و"لا" مفعولة. انتهى.

وقال أبو عبد الله محمّد بن مرزوق في "شرح قصيدة البردة": يُروى البخل بالجرّ على إضافة "لا" إليه، والمعنى أبو جودُه النّطق بلا التي للبخل، ومفهومه أنَّ التي للجود لا يأباها، ويروى بنصب البخل على أن يكون البخل بدلًا من "لا"، أو عطف بيان، أو مفعولًا من أجله على حذف مضاف، أي: كراهة البخل، وعلى النّصب فالمعنى أنّه لا ينطق بلا قط، لئلَّا يقع في البخل، ومفهوم العلّة يقتضي أنها إن لم يكن فيها بخل، فلا يمتنع من النّطق بها، وعلى التّقديرين، فلا بدَّ من تخصيص "لا" بالتي للبخل، والمعنى الذي قصده النّاظم وهو قوله:

نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهي فَلَا أَحَدٌ ... أبَرَّ في قَوْلِ لَا مِنْهُ وَلَا نَعَمِ

أشمل من هذا وأجمع، وكذا هو أجمع وأصح من قول من مدح إنسانًا بالكرم فقال:

ما قَالَ لَا قَطُّ إلَّا في تَشَهُّدِهِ ... ولَا نَعَمْ قَطُّ إلَّا جاءَتِ النَّعَمُ

فإنَّ هذا يقتضي أن لا ينطق بلا الجود. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>