وأجاب ابن عصفور بجواب آخر قال: إنَّ "ما زال" تقتضي ملازمة الصَّفة للموصوف مذ كان قابلًا لها على حسب ما قبلها، وذلك أنّه عهد دار ميّة في خصب؛ لسقيا المطر لها في أوقات الحاجة إلى ذلك؛ فدعا لها بأن لا تزال على عهدها عليه، من انهلال المطر بجرعائها وقت الحاجة إليه. وقد بسطنا الكلام هنا في حاشيتنا على "شرح بانت سعاد" للمصنّف عند شرح قوله:
تنفي الرّياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب ساريةٍ بيضٌ يعاليل
وترجمة ذي الرّمّة تقدَّمت في الأنشاد الرّابع والخمسين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثّامن والتّسعون بعد الثلاثمائة:
(٣٩٨) لا بارك الله في الغواني هل ... يصبحن إلَّا لهنَّ مطَّلب
لما تقدَّم قبله، والبيت من شواهد سيبويه، أورده في باب ما كانت الياء والواو فيه من نفس الحرف، نقل فيه عن الخليل: أنّه لما اضطروا في موضع لا بدَّ لهم فيه من الحركة أجروه على الأصل. قال: وأنشدني أعرابيّ من بني كليب لجرير:
فيومًا توافيني الهوى غير ماضيٍ ... ويومًا ترى منهنَّ غولًا تغوَّل
فقال: ألا تراهم كيف جروا حين اضطروا؟ وأورده ابن السرّاج في آخر كتاب "الأصول"في فصل الضّرائر الشّعريّة، قال: تصحيح المعتلّ يجوز في الشّعر، ولا يصلح في الكلام تحريك الياءات المعتلّة في الرَّفع والجرّ للضّرورة. وأنشد البيتين وغيرهما، وكذا أوردهما ابن جني في "شرح تصريف المازني" وقال: وحكى أبو علي عن أبي العبّاس: أنَّ أبا العباس كان ينشده: