قال: وقال الأحنف: ما قست منزلتي عند أحد بمنزلتي في نفسي إلا وجدتها دونها.
وسأل الأحنف قوم فقال: إن شئتم أعطيتكم درهمين، وإن شئتم أعطيتكم ألفين، قالوا: اختر لنا، فلما خرج العطاء حمد الله وألقى لهم درهمين فألقى الناس كلهم درهمين درهمين فقاموا بكساء يحمله أربعة.
وكان الأحنف يقول: لأن أدعى من بعيد أحب إلي من أن أدفع من قريب.
المدائني عن طفيل بن أبي حفص قال: أتى رجل الأحنف فقال: يا أبا بحر إني أريد مشاورتك، فأقبل الأحنف عليه فقال الرجل: إيه يا أبا بحر.
فقال: منك ينتظر الابتداء بالقول رحمك الله.
وقال الأحنف: ما يسرني أني نزلت بدار معجزة واني أسمنت وألبست. فقيل يا أبا بحر وما يراد من دار الجزم (١) غير هذا. قال: إني أخاف سوء العادة.
قال: وكان الأحنف إذا أتاه رجل وهو في مجلس ضيّق تحفز وتحرك يريه أن يوسع له.
المدائني عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن بيان عن الشعبي قال:
قدم مصعب الكوفة بعد قتل المختار فقيل: إن أحنف أهل البصرة في المسجد، فجئنا ننظر إليه، فإذا هو محتب حمائل سيفه، واضعا مرفقيه على ركبته، وقد شبّك أصابعه، وتميم مطيفة به، وأكب الناس ينظرون إليه.
فأراد قومه على شيء فقالوا: لا. فرفع رأسه إلى النظارة فقال: إن بني تميم
(١) جزم. قطع واليمين أمضاها، والأمر قطعه قطعا لا عودة فيه. القاموس.