للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال الأحنف: يا أمير المؤمنين إن مفاتيح الخير بيد الله، والحرص قائد الحرمان، فاتق الله فيما ولاك فيما لا يغني عنك يوم القيامة، واجعل بينك وبين رعيتك شيئا يكفيك وفادة الوفود، واستماحة المستميح، فإن كل امرئ يقرى في وعائه إلا الغل ممن عسى أن تقتحمه الأعين، فكان الأحنف أحمدهم قولا عند عمر.

حدثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، أنبأ علي بن زيد أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى أن أدن الأحنف وشاوره واسمع منه.

المدائني عن سوار بن عبد الله قال: وفد الأحنف على عمر فقال له:

أعمك المتشمس؟ قال: نعم.

المدائني عن مسلمة بن محارب عن عيينة بن عبد الرحمن الجوشني أن معاوية قال للأحنف: أتراني نسيت لك اعتزالك بالبصرة وقريش تذبح في نواحيها كما يذبح الحيران (١) لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، أو تراني أنسى طلبك الحيل في أمر أتانيه الله لتبطله، يعني يوم الحكمين. فقال الأحنف: «صدقني سنّ بكره» (٢)، لا آتيه في حاجة أبدا.

وعن مسلمة قال: جعل قوم لرجل جعلا إن سفّه الأحنف وأغضبه، فأتاه فقال: لا حياك الله يا أحنف، فلم يجبه، فأعادها مرارا فلم يجبه، فانصرف الرجل فقال الأحنف: قاتلهم الله لقد علموا أين وضعوا خطرهم.


(١) بالأصل: خيزان ولا وجه له، وتقدم الخبر في صفحة ١٨٧١ حيران. والحيران الذي لم يهتد إلى سبيله. وبناء عليه جرى التقويم.
(٢) صدقني سن بكره، من أمثال العرب في باب تصديق الرجل صاحبه عند اخباره اياه. الأمثال لأبي عبيد ص ٤٩.