انتهى سليمان وأصحابه إلى قبر الحسين صرخوا صرخة واحدة، وبكوا وقال سليمان: اللهمّ ارحم الشهيد بن الشهيد ونادوا: يا لثأرات الحسين، وأظهروا التوبة من خذلانه، ثم إنّ سليمان سار فأخذ على الجصّاصة، ثم على الأنبار، ثم صندوداء قرية الأنصار ثم على القيارة وبعث سليمان على مقدّمته كريب بن مرثد الحميري.
فلما انتهى إلى قرقيسيا أخرج إليهم زفر بن الحارث الكلابي أنزالا وسوقا وأهدى إلى وجوههم الجزر، ونحر لسائر أهل العسكر، وأمر ابنه الهذيل بن زفر فأقام لهم كل ما احتاجوا إليه، وزوّدهم، وقال لهم: إنّ عبيد الله بن زياد قد أقبل ومعه حصين بن نمير السكوني، وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري، وأدهم بن محرز الباهلي وربيعة بن المخارق الغنوي، وحملة بن عبد الله الخثعمي، وهم في الشوك والشجر، وقد وردوا الرقّة فسيروا إلى عين الوردة فاجعلوها في ظهوركم فيكون الماء والمادّة في أيديكم، وما بيني وبينكم فأنتم له آمنون، وعرض عليهم أن يقيموا عنده فيقاتل معهم، وقال: إنّه يريدني فلا تبرحوا حتى يكون أمرنا واحدا، فلم يفعلوا، فقال: أما والله لو أنّ خيلي كرجالي لأمددتكم.
فأغذّوا السير وانتهوا إلى قول زفر بن الحارث ورأيه وساروا إلى الشمسانية وإلى السكير، ثم إلى التنينيرين وساعا، ثم إنّ سليمان عبّأ الكتائب ووجّه إلى أوّل عسكر أهل الشام، وقد فصلوا من الرقّة، وعسكر ابن ذي الكلاع أربعمائة عليهم المسيّب بن نجبة، فقاتلوهم قتالا شديدا فنالوا منهم وهزموهم وغنموا غنيمة حسنة، فبلغ الخبر ابن زياد فسرّح إليهم الحصين بن نمير في اثني عشر ألفا، فخرج إليهم سليمان في التعبئة، فلما