وأرسل عثمان عبد الله بن الحارث بن نوفل إلى عليّ فقال قل له:
إن كنت مأكولاً فكن خير آكلٍ
أترضى بأن يقتل ابن عمتك وتسلب ملكك؟ فقال علي: صدق والله لا نترك ابن الحضرمية يأكلها - يعني طلحة - فلم يُرع الناس - صلاة الظهر - إلا بعلي وهو يقول لهم: أيها الناس هلموا إلي، فتقدم فصلى بهم فمال الناس إليه وصلى بهم يوم النحر، وعثمان محصور في الدار.
وقد كان عثمان بعث عبد الله بن عباس على الموسم، فلما صدر ابن عباس بلغه قتل عثمان بالطريق فقال: ورددت أني لا أبرح حتى يأتيني الذي قتل عثمان فيقتلني، جزعاً من قتله.
وقد كانت عائشة وأم سلمة حجتا ذلك العام، وكانت عائشة تؤلب على عثمان، فلما بلغها أمره، وهي بمكة، أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت: إني أرى عثمان سيشوم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدرٍ.
وقتل عثمان فزعم بعض الناس أنه قُتل في أيام التشريق، وقال بعضهم قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، وولي قتله محمد بن أبي بكر ومعه سودان بن حمران، وبايع الناس علياً، ومكث عثمان في الدار يوماً أو يومين حتى أخرجه أهله على باب من جريد النخل صغير خرجت عنه رجلاه، وتلقاهم قوم فقاتلوهم حتى طرحوه وتوطأه بعضهم، ثم حملوه وقد حُفر له قبر إلى جانب البقيع ودفنوه.
وخرجت عائشة من مكة حتى نزلت بسرف، فمر راكب فقالت: ما وراءك؟ قال: قتل عثمان، فقالت: كأني أنظر إلى الناس يبايعون طلحة