للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله بن صفوان: لو لم يكن كذلك لمشينا إليه الضّراء ودببنا له الخمر، وقلبنا له ظهر المجنّ، ورجونا أن يقوم بأمرنا من لا يعطيك مال مصر، فقال معاوية: يا معشر قريش حتى متى لا تنصفون من أنفسكم؟ فقال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: يا أمير المؤمنين إنّ عمرا وذويه أفسدوك علينا وأفسدونا عليك، لو أغضيت عن هذه، فقال معاوية: إنّ عمرا لي ناصح، فقال عبد الرحمن: فأطعمّنا مصر كما أطعمته ثم خذنا بمثل نصيحته، إنّا رأيناك تضرب عوامّ قريش بأياديك في خواصّها، كأنك ترى أنّ كرامها جازوك عن لئامها، ولعمر الله إنك لتفرغ من وعاء ضخم في إناء فعم (١)، وكأنّك بالحرب قد حلّ عليك عقالها ثم لا ينظر إليك، فقال معاوية: يا بن أخي ما أحوج أهلك إليك؛ ثم قال معاوية:

أغرّ رجالا من قريش تتايعوا (٢) … على سفه منّي الحيا والتكرّم

المدائني عن مسلمة قال: قال قوم من قريش: ما نظنّ معاوية أغضبه شيء قط، فقال بعضهم: بلى إذا ذكر (٣) من أمّه غضب، فقال مالك بن أسماء المنى القرشي - وهي أمّه، وإنّما قيل لها المنى لجمالها-: والله لأغضبنّه إن جعلتم لي جعلا، فجعلوا له جعلا رضي به، فأتى معاوية وقد حضر الموسم فقال له في جماعة: يا أمير المؤمنين ما أشبه عينيك بعيني أمّك، قال: تانك عينان طال ما أعجبتا أبا سفيان، انظر يا بن أخي إلى ما أعطيت من الجعل


(١) - أفعم الاناء: ملأه. القاموس.
(٢) - التتايع: ركوب الأمر على خلاف الناس والتهافت، والاسراع في الشر، واللجاجة. القاموس.
(٣) - في رواية أخرى «ذكرت أمه» (من هامش الأصل).