"قلتُ: حَنَشٌ قد وَثَّقَهُ غيرُ الحاكِم، فقال أبُو محِصَنٍ حُصَينُ بنُ نُميرٍ: "حدَّثَنا حُسينُ بنُ قيسٍ أبُو عليٍّ الرَّحبيُّ، وهو شيخٌ صَدُوقٌ"، فَوَصَفَهُ بالصِّدق، وهو قد عاشَرَهُ ورَوَى عنه، فقولُهُ مُقدَّمٌ على مَن ضعَّفُوهُ لمُجرَّد خِلافِهِ في الأحاديث، فإنَّهُم يفعلُون ذلك بنِاءً على أن حديثَهُ مُنكَرٌ لكونِهِم لم يَعرِفُوا مَعناه ولا الجَمعَ بينه وبين الأحاديث الصَّحيحة كهذا الحديثِ، فإنَّ أوَّلَ مَن صرَّح بأنَّه لا أصل له ذاك العُقَيليُّ، الذي لا يَعرِفُ إلَّا الحديثَ والرِّجال، ولا قَدَمَ له في العِلم، فإنَّه استَدَلَّ على كونِهِ لا أصلَ له بقولِهِ: "وقد صحَّ عن ابن عبَّاسٍ أنَّه جَمَع بين الصَّلاتَين"، فبهذا استَدَلَّ على بُطلانِهِ، ولم يُتابِعهُ على ذلك إلَّا ابنُ الجَوزِيِّ، الذي هو مِثلُهُ، بعيدٌ عن النَّظَر والفَهم في الجَمع بين الأحاديث المُتعارِضة ظاهِرًا. ولا تَعَارُضَ؛ لِحَملِ هذا على جَمع الصَّلاتَين التي لم يأت الشَّرعُ بجواز الجَمع بينهما، كالصُّبح والظُّهر، والعصر والمَغرب، والعشاء والصُّبح. وحديثُ ابن عبَّاسٍ في الجَمع على العُذر، ولو كان ضعيفًا، كما فصَّلنا في "إزالَة الخَطَر في الجَمع بين الصَّلاتَين في الحَضَر". وبذلك يندفع التَّعارُضُ. والمُصنِّف لم يتعسَّف، ولا صرَّح بصِحَّتِهِ أو حُسنِه، بل ذَكَر في تعقُّبه على ابن الجَوزِيِّ - الذي أتَى به من عند ابن شاهينَ - أن الحديثَ خرَّجَهُ التِّرمِذِيُّ وضعَّفَهُ، ثُمَّ قال: "والعَمَلُ على هذا عند أهل العِلم"، وأخرَجَهُ وقال: "حُسينٌ أبو عليٍّ الرَّحْبِيُّ، من أهل اليَمَن، سَكَن الكُوفة. ثقةٌ"، وإنَّ الدَّارَقُطنِيَّ والبَيهَقِيَّ خرَّجاه أيضًا في سُنَنَيهما وضعَّفاه، فهو حُكمٌ مِن كبار الحُفَّاظ، إمَّا بصِحَّتِهِ أو بضَعفِهِ، لا بِوَضعِهِ الذي انفَرَد به العُقَيليُّ وتَبِعَهُ ابنُ الجَوزِيِّ" انتهَى.