يلتقِي إجمالُه مع حديثِ الدَّرَاوَرديِّ. وعبدُ الله بن نافعٍ الصَّائغُ صدوقٌ، في حِفظه بعضُ المقال، وكتابُهُ صحيحٌ. وروايتُهُ، وإن كانت مُجمَلةً، إلَّا أنَّ تفصيلَها يعودُ إلى روايةِ الدَّرَاوَرديِّ كما قلتُ.
وعامَّةُ المعارِضِين لهذا الحُكمِ، القائلينَ بتقدِيم الرُّكبتين قَبلَ اليَدين، مَع ضعفِ حديثِ وائلِ بنِ حُجرٍ وجميعِ شواهِدِه، لا يَعرِفون كيفَ يبرُكُ البعيرُ، حتَّى قال بعضُ الباحثين في "جُزءٍ له" حولَ هذا الحديثِ: "وبرُوكُ البعير معروفٌ عند الجميع، وهو أنَّهُ يُقدِّم يديه في البُروك قَبل رِجلَيه، فإذا قَدَّم المُصلِّي يديه على رُكبتيه في السُّجُود فقد شابَهَ البعيرَ في بُروكِهِ شاءَ أم أبَى" كذا قال هذا الفاضلُ!
ونتساءلُ: كيف يُقدِّم البعيرُ يَديه قبلَ رُكبتيه؟! ويداه موضُوعَتان علَى الأرضِ دائمًا؛ إذ هو يَمشِي على أربعٍ، فلَو كانَت يداهُ مرفوعَتَان عن الأرضِ مثل الإنسان لَسَاغَ هذا القولُ، وهذا القولُ بَدَهِيٌّ جدًّا، اضطُرِرتُ إلى تسطيرِهِ اضطرارًا، رفعًا للمُغالَطة. وحينئذٍ، فالصَّوابُ أن يُقال: إنَّ أوَّلَ ما يصلُ إلى الأرض منَ البعيرِ إذا أرادَ أن يَبرُك: رُكبتاه وليس يديه.
ولأنَّ هذا القولَ مُلزِمٌ، أرادُوا أن يَتخلَّصُوا منه، فقالُوا:"رُكبةُ البعيرِ ليست في يدِهِ"!
إِذَنْ، فقد سلَّمُوا أنَّ البعير يَبرُك على ركبتيه، ولكنَّها ليستَ في يده، هكذا قالَ ابنُ القيِّم -رحمه الله-، وقال:"وقولُهُم: "رُكبة البَعير في يدِهِ" كلامٌ لا يُعقَلُ، ولا يعرفُهُ أهلُ اللُّغة"، وتَبِعَهُ كلُّ من تكلَّم في هذا الباب.