للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأولياء الله وأعداء الله والأنبياء والمتقين، ويجعلون الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، ويجعلون المتقين كالفجار، ويجعلون المسلمين كالمجرمين، ويعطلون الأمر والنهي والوعد والوعيد والشرائع» (١).

ومنهم من يتخذ من هذه المقالة ذريعة للوصول إلى مآربه وشهواته، قال شيخ الإسلام: «لكن استفادوا بهذا الضلال اتباع أهوائهم، ثم زادهم انغماساً في أهوائهم وشهواتهم، فهم يحبون ما يهوونه كالصور والرئاسة وفضول المال والبدع المضلة، زاعمين أن هذا من محبة الله، ومن محبة الله بغض ما يبغضه الله ورسوله، وجهاد أهله بالنفس والمال» (٢).

وأخبر شيخ الإسلام أن أقل ما يصيب هؤلاء "أنهم يتركون الغيرة لله، والنهي عن المنكر، والبغض في الله، والجهاد في سبيله، وإقامة حدوده" (٣).

وقد حكى جمع من العلماء ما وصل له حال هؤلاء القوم، ومن ذلك ما ذكره مرعي الكرمي (٤) -رحمه الله- حيث قال: «فقد وقعت مذاكرة في بعض مسائل القدر في بعض المجالس فذكر لي أن بعض دراويش (٥) متصوفة الفقراء الذين وقعوا في الإباحة والآثام، وطووا بساط الشرع، ورفعوا قواعد الأحكام، وسووا بعقولهم بين الحلال والحرام: كان لا يصوم ولا يصلي منهمكاً على المحرمات كالخمور


(١) المصدر السابق (٢/ ٧٨).
(٢) العبودية (ص: ١١٦).
(٣) الاستقامة (١/ ٤٢٤).
(٤) هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي، مؤرخ أديب، من كبار الفقهاء، وله مصنفات منها: غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى، وقلائد المرجان في الناسخ والمنسوخ من القرآن وغيرها، (ت:١٠٣٣ هـ). انظر: الأعلام للزركلي (٧/ ٢٠٣)، معجم المؤلفين (١٢/ ٢١٨).
(٥) الدرويش: مصطلح صوفي يطلق على الفقير الزاهد المتجول المظهر للمسكنة والذل والمشتغل بالموالد ونحوها. انظر: تاج العروس (١٧/ ٢٠٢)، المعجم الوسيط (١/ ٢٨٠)، معجم اللغة العربية المعاصرة (١/ ٧٤٢).

<<  <   >  >>