للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرض ما ينافيها فإنما هو من الوجوه الخفية عند من يدعيه وإلا ففي الحقيقة إنما هو شبهة فاسدة.

فهل يجوز أن يُملأ الكتاب والسنة من ذكر اليد، وأن الله تعالى خلق بيده، وأن يديه مبسوطتان، وأن الملك بيده، وفي الحديث ما لا يحصى، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأولي الأمر لا يبينون للناس أن هذا الكلام لا يراد به حقيقته ولا ظاهره، حتى ينشأ جَهْم ابنُ صفوان بعد انقراض عصر الصحابة، فيبين للناس ما نزل إليهم على نبيهم، ويتبعه عليه بشر بن غياث ومن سلك سبيلهم من كل مغموص عليه بالنفاق (١).

وكيف يجوز أن يعلمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة، ويقول: (ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم به) (٢)، (تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) (٣)، ثم يترك الكتاب المنزل عليه، وسنته الغراء مملوءة مما يزعم الخصم أن ظاهره تشبيه وتجسيم، وأن اعتقاد ظاهره ضلال، وهو لا يبين ذلك ولا يوضحه؟!

وكيف يجوز للسلف أن يقولوا: (أمروها كما جاءت) (٤)، مع أن معناها


(١) قال الخليل بن أحمد: «ويقال للرجل إذا كان مَطعُوناً عليه في دِينهِ: إنه لمغُمُوصٌ عليه أي مَطعُونٌ في دينه» العين (٤/ ٣٧٥)، وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٨٦).
(٢) رواه الحاكم في مستدركه (٢/ ٥) (٢١٣٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٣/ ١٩) (٩٨٩١)، وابن مردويه في أماليه (ص:١٧١) (٢٤)، وهناد بن السري في الزهد (١/ ٢٨١) (٤٩٤)، من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- بلفظ: (إنه ليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا وقد نهيتكم عنه، وإنه ليس من شيء يدنيكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به … ) الحديث، وحسنه الألباني في الصحيحة (٢٨٨٦).
(٣) رواه أحمد (٢٨/ ٣٦٧)، (١٧١٤٢)، وابن ماجه (١/ ١٦) (٤٣)، وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٤٠٣) (٨٨)، والطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ٢٤٧) (٦١٩)، من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- وصححه الألباني في الصحيحة (٩٣٧).
(٤) قال الوليد بن مسلم: «سألت الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، عن الأحاديث التي فيها الصفات، فكلهم قال: أمروها كما جاءت بلا تفسير» رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه (٢/ ٣٤٥) (٣٢٨٣)، والآجري في الشريعة (٣/ ١١٤٦) (٧٢٠)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٣٧٧) (٩٥٥) وأخرج أيضاً عن بقية قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، ومكحول، قالا: «امضوا الأحاديث على ما جاءت» الأسماء والصفات (٢/ ٣٧٧).

<<  <   >  >>