للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يحيى بن عمار (١) يقول: (المعتزلة الجهمية الذكور، والأشعرية الجهمية الإناث) (٢)، ومرادهم الأشعرية الذين ينفون الصفات الخبرية، وأما من قال منهم بكتاب (الإبانة) الذي صنفه الأشعري في آخر عمره، ولم يظهر مقالة تناقض ذلك، فهذا يعد من أهل السنة، لكن مجرد الانتساب إلى الأشعري بدعة، لا سيما وأنه بذلك يوهم حسنًا بكل من انتسب هذه النسبة، وينفتح بذلك أبواب شر، والكلام مع هؤلاء الذين ينفون ظاهرها بهذا التفسير.

قلت له: إذا وصف الله نفسه بصفة، أو وصفه بها رسوله، أو وصفه بها المؤمنون الذين اتفق المسلمون على هدايتهم ودرايتهم فصرفها عن ظاهرها اللائق بجلال الله سبحانه وحقيقتها المفهومة منها إلى باطن يخالف الظاهر، ومجاز ينافي الحقيقة، لابد فيه من أربعة أشياء:

أحدها: أن ذلك اللفظ مستعمل بالمعنى المجازي؛ لأن الكتاب والسنة


(١) هو يحيى بن عمار بن العنبس، الإمام المحدث الواعظ، شيخ سجستان، أبو زكريا الشيباني السجستاني، نزيل هراة، قال الذهبي: «كان شيخ تلك الديار ديناً وعلماً وصيانة وتسنناً … وكان متصلباً على المبتدعة والجهمية، وله قبول زائد عند الكافة لفصاحته وحسن موعظته»، (ت: ٤٢٢ هـ). انظر: السير (١٧/ ٤٨١)، تاريخ الإسلام (٩/ ٣٨٤).
(٢) لم أقف على هذا الأثر، إلا من نقل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.

<<  <   >  >>