للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفصيل المجمل منها، وتوضيح المبهم خلالها، فمخالفو الشيخ وإن لم يصرحوا هنا بالرد عليه ومواجهته بما اعتقدوه، وإنما عرَّضوا دون تصريح، ولمحوا دون توضيح؛ خشيةَ ردهِ عليهمْ، وكشفهِ لزيفهم، إلا أن الشيخ -مع هذا-لم يدعْهم وشأنهم، بل بين حقيقة ما إليه لمحوا، وفساد ما به عرضوا، وذلك في المناظرة نفسها، وقبل المناظرة وبعدها من خلال ما صنف وألف من كتب ورسائل.

وبين شيخ الإسلام سبب تعبيره بنفي التكييف والتمثيل دون التشبيه والتجسيم، وذلك من أوجهٍ كثيرة أهمها ما يلي:

أولاً: أن الشرع إنما جاء بنفي التكييف والتمثيل، وهو الذي وردت به النصوص، وجاء نفيه على لسان السلف، وقد التزم شيخ الإسلام بأن لا يعبر في عقيدته الواسطية إلا بما ورد في الكتاب والسنة، أو كان بإجماع سلف هذه الأمة، حيث قال رحمه الله: «وأنا تحريت في هذه العقيدة اتباع الكتاب والسنة» (١)، وقال: «ليس في هذا لفظٌ واحدٌ من عندي، وإنما هو من كتاب الله وسنةِ رسوله وألفاظِ سلفِ الأمة، أو ألفاظِ مَن نقلَ مذاهب سلف الأمة وأهل السنة من الأئمة الموثوق بهم» (٢)، وقال أيضاً: «وكل لفظ ذكرته فأنا أذكر به آية أو حديثاً أو إجماعاً سلفياً، وأذكر من ينقل الإجماع عن السلف من جميع طوائف المسلمين والفقهاء الأربعة والمتكلمين وأهل الحديث والصوفية» (٣). وقال: «أنا أُمهِل من خالفني ثلاثَ سنين، فإن جاء بحرفٍ واحدٍ ثابتٍ عن القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابعيهم يُناقِضُ حرفًا مما قلتُه وذكرتُه عنهم رجعتُ عن ذلك» (٤).

ثانياً: ما في لفظا التشبيه والتجسيم من إجمال وإيهام، فإن نفي التشبيه وإن كان حقًا واردًا عن سلف الأمة، إلا أن أهل البدع قد ادخلوا في التشبيه الواجب


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٦٥).
(٢) جامع المسائل (٨/ ١٩٢).
(٣) مناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٨٩).
(٤) جامع المسائل (٨/ ١٩٢).

<<  <   >  >>