للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تذكره طائفة إلا وترده طائفة أخرى وتبطله، قال شيخ الإسلام: «لا خلاف بين جميع الطوائف أن كثيرًا من هذه التأويلات أو أكثرها باطل، بل كثير من التأويلات يعلم فسادها بضرورة العقل؛ وذلك أنه ما من طائفة من الطوائف الذين يحرفون الكلام عن مواضعه ويلحدون في أسماء الله وآياته ويسمون ذلك تأويلاً من أصناف المتجهمة ونحوهم إلا وهي ترد كثيرًا من تأويلات الطائفة الأخرى، وتقول إنها باطلة كما أن المؤسس (١) وأمثاله يردون تأويلات المعتزلة للآيات والأخبار التي فيها وصف الله تعالى بأن له علماً وقدرة وحياة وسمعًا وبصرًا، وأن له كلامًا قائمًا بنفسه وأنه يُرى ونحو ذلك، ويردون تأويل الجهمية من المعتزلة وغيرهم لعذاب القبر والصراط والميزان وغير ذلك، وهم والمعتزلة يردون تأويلات الفلاسفة الصابئين للجنة والنار، وما فيهما من نعيم وعذاب، والفلاسفة العقلاء مع سائر المتكلمين يردون تأويل القرامطة والباطنية للصلاة والزكاة والحج وغير ذلك، والباطنية ترد كل طائفة منهم تأويل الآخرين؛ فإن بينهم نزاعًا طويلاً، والمعتزلة أيضًا ترد تأويل الأشعرية ونحوهم للآيات التي فيها تنزيه الله نفسه عن الظلم وفيها إثبات فعل العباد لأفعالهم فيها وإخراج الأعمال الصالحة من الإيمان ونحو ذلك» (٢).

سابعاً: أن التأويل الفاسد آل ببعض المتكلمين إلى مخالفة المسلمات ومعارضة البديهيات، قال شيخ الإسلام: «ما زال أهل العقل والعلم إذا سمعوا كثيرًا من هذه التأويلات ورأوها في المصنفات يعلمون أنها من أظهر الأمور فسادًا في البديهي من المعقولات، ولا ينقضي تعجبهم من قوم يذهبون إلى تلك التأويلات ممن له في العلم صيت مشهور، وقد رأيت وسمعت من ذلك بعجائب، ولكن ننبه ببعض ما ذكره هذا المؤسس وذلك بأمثلة أحدها قوله في تأويل قوله تعالى {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:٢٢] … إن الرب هو المربي فلعل


(١) أي الرازي ..
(٢) بيان تلبيس الجهمية (٦/ ٢٩١ - ٢٩٢).

<<  <   >  >>