للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المتصف بصفات الكمال، المنعوت بنعوت الجلال والجمال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثل ولا مثال، شهادة أدخرها ليوم لا بيع فيه ولا خلال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى أصح الأقوال، وأسد الأفعال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب وخير آل، صلاة دائمة بالغدو والآصال (١).

أما بعد:

فإن من السنن الكونية التي قضاها رب البرية، الصراع بين أهل الحق والباطل، وأهل الضلال والهدى، هذا الصراع الذي لا يقتصر على مكان، ولا يحده ظرف ولا زمان، بل هو قضاء مستمر إلى قيام الساعة، فمنه ما يكون بالسيف والسنان، ومنه ما يكون بالحجة واللسان، وقد قضى ربنا سبحانه فيما قضى به، أن تكون الحرب بالسيوف سجالاً، فيومٌ للحق وأهله ويوم عليهم، وأما صراع الحجج والبراهين، فما زالت الغلبة فيه لأهل الحق من قبل ومن بعد، وإلى يوم يبعث الله الخلق، قال ابن حزم (٢) -رحمه الله-: «وقد تُهزم العساكر الكبار، والحجة


(١) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (١/ ٣).
(٢) هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، عالم الأندلس في عصره، كان له رياسة فزهد بها، وانصرف للعلم والدراسة، وسيرته معلومة مشهورة، ومن أشهر مصنفاته: "الفصل في الملل والأهواء والنحل، والمحلى، وغيرها، (ت:٤٥٦). انظر: جذوة المقتبس (ص: ٣٠٨)، وفيات الأعيان (٣/ ٣٢٥)، السير (١٨/ ١٨٤).

<<  <   >  >>