للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو اعتقاد أهل السنة قاطبة.

-ومما يكشف ما في هذه المقالة من مغالطة للواقع، ما جاء فيها: «أنه أشْهَد تقيُّ الدين على نفسه الحاضرين أنه شافعي المذهب»، فقوله "شافعي المذهب" أول ما يتبادر إلى ذهن قارئ هذا الكلام أن شيخ الإسلام أصبح على مذهب الشافعي في الفروع والفقه؛ وذلك لأنه ليس للشافعي مذهب يختص به إلا في الفقه والفروع؛ ولأن "ال" هنا: ال العهدية: أي المذهب المعهود، ولا مذهب معهود للإمام الشافعي -رحمه الله- إلا مذهبه الفقهي، وبطلان مثل هذا القول أظهر من أن يذكر، فمن المعلوم بالضرورة من سيرة شيخ الإسلام أنه كان أحد الأئمة المجتهدين وكان على مذهب أحمد بن حنبل وعاش ومات عليه، فكيف يقال بأنه أقر على نفسه أنه شافعي المذهب؟!

-ثم إن تحوله من مذهب فقهي إلى مذهب آخر ليس له أي أثر في الاعتقاد الذي ذكره وصنفه؛ لأن النقاش والمناظرة إنما كانت في الاعتقاد والأصول، ولم تكن في الفقه والفروع. فلم يوفق صاحب هذه الرواية لاختيار عبارة مناسبة للمقام، وهذا من عناية الله بحملة شرعه ودينه.

-وأخيراً، قد يقال -إحساناً للظن بمن نقل هذا الخبر-: إن نقلهم إنما كان عن سوء فهم لما قاله شيخ الإسلام أثناء المناظرة، كقوله: «وقلت لمن خاطبني من أكابر الشافعية: لأبيَّنن أن ما ذكرته هو قول السلف وقول أئمة أصحاب الشافعي، وأذكر قول الأشعري وأئمة أصحابه التي ترد على هؤلاء الخصوم، "ولينتصرن كل شافعي"، وكل من قال بقول الأشعري الموافق لمذهب السلف، وأبين أن القول المحكي عنه في تأويل الصفات الخبرية، قول لا أصل له في كلامه؛ وإنما هو قول طائفة من أصحابه فللأشعرية قولان، ليس للأشعري قولان» (١) فقالوا بهذه المقالة بناءً على سوء فهمهم لمراد شيخ الإسلام بهذا الكلام، والواقع أن شيخ الإسلام أراد باستشهاده بأقوال الشافعي وأئمة مذهبه،


(١) المناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٩٠).

<<  <   >  >>