للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ليس منها، كما يَغلَط بعضُ الناس فيجعلُ من التأويل المخالف للظاهر ما هو ظاهر اللفظ، كما في هذه الآية ونحوها، ومثل ذلك قوله: (الحجر الأسود يمينُ الله في الأرض، فمن صافحه واستلمه فكأنما صافحَ الله وقبَّل يمينَه) (١).

فقال لي بعض الحاضرين: فقد روي عن مالك أنه قال في حديث النزول: ينزل أمره. فقلت: هذا رواه حبيب كاتبه (٢)، وهو كذاب فقال: قد رُوي من غير طريق حبيب، من طريق مطرف (٣).

وجواب هذه الرواية المنقولة عن مالك كجواب الرواية المنقولة عن الإمام أحمد في مثل ذلك، فإنه نُقِل عنه يومَ مناظرته للجهمية أمامَ الخليفة أنه قال في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢١٠] أنه أمره. فقيل: الراوي غلط عليه، وقيل: إنه قاله على سبيل الإلزام لهم لما احتجُّوا بمجيء القرآن على أنه مخلوق، فقال لهم: إنما مجيء ثوابه كما قلتم في قوله: {وَجَآءَ رَبُّكَ} [الفجر:٢٢]: إنه أمره. وقيل: بل هذه رواية عنه أنه يتأول صفات المجيء والإتيان والنزول ونحو


(١) رواه ابن خزيمة في صحيحه (٤/ ٢٢١) والطبراني في الأوسط (١/ ١٧٨)، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية مرفوعاً ورجح وقفه كما في مجموع فتاوى (٦/ ٣٩٧)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٢٢٤) وأشار إلى ضعفٍ في الموقوف أيضاً.
(٢) هو أبو محمد حبيب بن أبى حبيب: إبراهيم ويقال: رزيق، ويقال: مرزوق، المصري كاتب مالك بن أنس، من صغار أتباع التابعين، روى له ابن ماجه، متروك، كذبه أبو داود و جماعة، (ت: ٢١٨ هـ). انظر: إكمال تهذيب الكمال (٣/ ٣٦٣)، لسان الميزان (٩/ ٢٧٨).
(٣) هو أبو مصعب مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار اليساري الهلالي المدني، مولى ميمونة، ابن أخت مالك بن أنس، روى له البخاري، والترمذي، وابن ماجه، ثقة لم يُصِب ابن عدى فى تضعيفه، كانوا يقدمونه على أصحاب مالك، (ت: ٢٢٠ هـ). انظر: إكمال تهذيب الكمال (١١/ ٢٣٠)، موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله (٣/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>