للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو الخطاب (١)، ابن عقيل (٢)؟! ورفعت صوتي وقلت: سمهم قل لي منهم؟ من هم؟! أبكذب ابن الخطيب (٣) وافترائه على الناس في مذاهبهم تبطل الشريعة وتندرس معالم الدين؟! كما نقل هو وغيره عنهم أنهم يقولون: إن القرآن القديم هو أصوات القارئين ومداد الكاتبين، وأن الصوت والمداد قديم أزلي. من قال هذا؟ وفي أي كتاب وجد هذا عنهم؟! قل لي! وكما نقلَ عنهم أن الله لا يرى في الآخرة باللزوم الذي ادعاه والمقدمة التي نقلها عنهم. وأخذت أذكر ما يستحقه هذا الشيخ من أنه كبير الجماعة وشيخهم، وأن فيه من العقل والدين ما يستحق أن يعامل بموجبه، وأمرت بقراءة العقيدة جميعها عليه؛ فإنه لم يكن حاضراً في المجلس الأول إنما أحضروه في الثاني انتصاراً به.

وحدثني الثقة عنه بعد خروجه من المجلس، أنه اجتمع به وقال له: أخبرني عن هذا المجلس؟ فقال: ما لفلان ذنبٌ ولا لي، فإن الأمير سأل عن شيء؟ فأجابه عنه فظننته سأل عن شيء آخر. وقال: قلت لهم أنتم ما لكم على الرجل اعتراض، فإنه نصر ترك التأويل، وأنتم تنصرون قول التأويل وهما قولان للأشعري. وقال: أنا أختار قول ترك التأويل، وأخرج وصيته التي أوصى بها وفيها قول ترك التأويل. قال الحاكي لي: فقلت له: بلغني عنك أنك قلت في آخر المجلس -لما أشهد الجماعة على أنفسهم بالموافقة-: لا تكتبوا عني نفياً


(١) هو أبو الخطاب أحمد بن علي بن عبد الله المقرئ الصوفي البغدادي، له قصيدة في السنة، وقصيدة في عدد الآي، وكان من شيوخ الإقراء ببغداد المشهورين بتجويد القراءة وتحسينها، (ت: ٤٧٦ هـ). انظر: ذيل طبقات الحنابلة (٣/ ٤٥)، معرفة القراء الكبار (١/ ٤٤٦)، تاريخ الإسلام (٣٢/ ١٨٣).
(٢) هو أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي، من متكلمي الحنابلة قال الذهبي: «أخذ علم العقليات عن شيخي الاعتزال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان صاحبي أبي الحسين البصري، فانحرف عن السنة». وقال: «لم يكن له في زمانه نظير على بدعته» وله كتاب "الفنون" وتوفي سنة ٥١٣ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (١٩/ ٤٤٣) وذيل طبقات الحنابلة (١/ ١٤٢ - ١٦٣).
(٣) المراد الرازي، كما سبق.

<<  <   >  >>