للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول أتاهم بغتة، وإن كان أيضا بغتة للمخاطب الذي هو المسئول والمجيب والمناظر.

فلما اجتمعنا: وقد أحضرت ما كتبته من الجواب عن (١) أسئلتهم المتقدمة الذي طلبوا تأخيره إلى اليوم: حمدت الله بخطبة الحاجة خطبة ابن مسعود -رضي الله عنه-، ثم قلت: إن الله تعالى أمرنا بالجماعة والائتلاف ونهانا عن الفرقة والاختلاف. وقال لنا في القرآن: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:١٠٣]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:١٥٩]، وقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:١٠٥]، وربنا واحد وكتابنا واحد ونبينا واحد، وأصول الدين لا تحتمل التفرق والاختلاف، وأنا أقول ما يوجب الجماعة بين المسلمين، وهو متفق عليه بين السلف، فإن وافق الجماعة فالحمد لله، وإلا فمن خالفني بعد ذلك: كشفت له الأسرار، وهتكت الأستار، وبينت المذاهب الفاسدة التي أفسدت الملل والدول، وأنا أذهب إلى سلطان الوقت على البريد، وأعرفه من الأمور ما لا أقوله في هذا المجلس، فإن للسلم كلاماً وللحرب كلاماً. وقلت: لا شك أن الناس يتنازعون، يقول هذا: أنا حنبلي، ويقول هذا: أنا أشعري، ويجري بينهم تفرق وفتن واختلاف على أمور لا يعرفون حقيقتها. وأنا قد أحضرت ما يبين اتفاق المذاهب فيما ذكرته (٢)، وأحضرت كتاب: (تبيين كذب المفتري فيما ينسب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري -رحمه الله-) تأليف: الحافظ أبي القاسم بن عساكر (٣) -رحمه الله- وقلت: لم يصنف في أخبار الأشعري المحمودة


(١) في العقود الدرية (على) (ص:٢٩٠).
(٢) قال شيخ الإسلام في موضع آخر: «وقد أحضرت في الشام أكثر من خمسين كتاباً: من كتب الحنفية والمالكية والشافعية وأهل الحديث، والمتكلمين والصوفية كلها توافق ما قلته بألفاظه؛ وفي ذلك نصوص سلف الأمة وأئمتها، ولم يستطع المنازعون مع طول تفتيشهم كتب البلد وخزائنه أن يخرجوا ما يناقض ذلك عن أحد من أئمة الإسلام وسلفه» مجموع الفتاوى (٣/ ٢١٧). انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٢٦٥).
(٣) هو أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن، المعروف بابن عَسَاكِر، كان محدث الديار الشامية، ورفيق السَّمْعَاني (صاحب الأنساب) في رحلاته، مولده ووفاته في دمشق وله تأريخ دمشق الكبير، وتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري وغيرها، (ت: ٥٧١ هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٧/ ٢١٥)، السير (٢٠/ ٥٥٤).

<<  <   >  >>