للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحابي) (١)، [مع أن هذا السؤال لا يرد؛ لأني إنما قلت: إن الدين والإيمان قول وعمل، وهذا متفق عليه لا خلاف أن مجموع الدين قول وعمل، لكني قلت: أنا ذكرت اعتقاد السلف المنقول عن الصحابة والتابعين، ومذهبهم الثابت عنهم أن الإيمان قول وعمل] (٢) فهذا الاعتقاد هو المأثور عن النبي وأصحابه -رضي الله عنهم-، وهم ومن اتبعهم الفرقة الناجية؛ فإنه قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه قال: «الإيمان يزيد وينقص» (٣). وكل ما ذكرته في ذلك، فإنه مأثور عن الصحابة بالأسانيد الثابتة لفظه ومعناه، وإذا خالفهم من بعدهم [لم] (٤) يضر في ذلك.

ثم قلت لهم: وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً؛ فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله [له] (٥) خطأه [كسائر من يخالف بعض الأحاديث الصحيحة لاجتهادٍ سائغٍ؛ فإن المجتهد المصيب له أجرانِ، والمجتهد المخطئ له أجرٌ] (٦)، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته، وإذا كانت ألفاظ الوعيد المتناولة له لا يجب أن يدخل فيها المتأول [والتائب] (٧)، وذو الحسنات الماحية والمغفور له وغير ذلك فهذا أولى (٨)، بل موجب هذا الكلام أن


(١) سبق عزوه (ص:٤٢).
(٢) حكاية المناظرة في الواسطية، ضمن جامع الرسائل (٨/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٣) كما جاء عن أبي الدرداء وأبي هريرة وروي عن ابن عباس وعمير بن حبيب الخطمي رضي الله عنهم جميعاً. وانظر هذه الآثار مع تخريجها مطولاً في "زيادة الإيمان ونقصانه" (ص:١١٣ - ١١٦).
(٤) هكذا في العقود الدرية (ص:٢٨٧) وهو الأقرب للصواب. وفي مجموع الفتاوى (لما).
(٥) زيادة من العقود الدرية (ص:٢٨٧).
(٦) حكاية المناظرة في الواسطية، ضمن جامع الرسائل (٨/ ١٨٦).
(٧) هكذا في العقود الدرية (ص:٢٨٨) وهو الأقرب للصواب. وفي مجموع الفتاوى (القانت).
(٨) قال في حكاية المناظرة في الواسطية ضمن جامع الرسائل (٨/ ١٨٦): «وقد ذكرتُ في الاعتقاد أن أهل السنة لا يكفِّرون أهلَ الذنوب الكبائر مع شمول نصوص الوعيد لهم، لجواز أن يغفر الله لهم ويتوبوا، أو يكون لهم حسنات ماحيةٌ، أو لشفاعة فيهم، أو رحمة الله لهم، وإن كنا نُطلق بأن أهل النجاة هم أهل طاعة الله».

<<  <   >  >>