للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن أريته العقيدة التي جمعها الإمام القادري (١)، التي فيها أن القرآن كلام الله خرج منه فتوقف في هذا اللفظ. فقلت: هكذا قال النبي - -صلى الله عليه وسلم-: (ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه) (٢)، يعني: القرآن. وقال خباب بن الأرت: (يا هنَتَاه تقرب إلى الله بما استطعت فلن يتقرب (٣) إليه بشيء أحب إليه مما خرج منه) (٤). وقال أبو بكر الصديق -لما قرأ قرآن مسيلمة الكذاب-: "إن هذا الكلام لم يخرج من إل - يعني رب -" (٥).

وجاء فيها: «ومن الإيمان به (٦): الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وأن هذا القرآن -الذي أنزله الله على محمد -صلى الله عليه وسلم- هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف: لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله، فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً، لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً»، فتمعض (٧) بعضهم من إثبات كونه كلام الله حقيقة، بعد تسليمه أن الله تعالى تكلم به حقيقة، ثم إنه سلم ذلك لما بُين له: أن المجاز


(١) هو أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر الخليفة، الملقب بـ (القادر بالله)، له اشتغال بالعلم وصنف عدة تصانيف، وعقيدته هذه ساقها ابن الجوزي. انظر: السير (١٥/ ١٢٧ - ١٣٧) المنتظم لابن الجوزي (٩/ ٣٠٣).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٦٨)، والترمذي (٥/ ٢٩١)، وقال: «حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه». والحاكم (١/ ٥٥٥)، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في المشكاة (١٣٣٢) والضعيفة (١٩٥٧).
(٣) في العقود الدرية (تتقرب) (ص:٢٨١).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٧٢٢)، وأحمد في الزهد (ص:٣٥)، والحاكم في مستدركه (٢/ ٤٤١)، والخلال في السنة (٦/ ١٠٤)، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص: ١٣)، ومن طريقه رواه الآجري في الشريعة (ص: ٧٧)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص: ٣١١).
(٥) ذكره أبو عبيدة في غريب الحديث (١/ ١٠٠) وابن قتيبة في غريب الحديث (١/ ٥٣٢) وغيرهما.
(٦) في الواسطية: «ومن الإيمان بالله وكتبه». والمعنى واحد.
(٧) في العقود الدرية (فامتعض) (ص:٢٨٢) والمعنى واحد.

<<  <   >  >>