للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والرأي لا يجب أن ينفرد به بل يشاركهم فيه، فيعاونهم ويعاونونه، وكما أن قدرته تعجز إلا بمعاونتهم، فكذلك علمه يعجز إلا بمعاونتهم» (١).

١٢) مما استدل به شيخ الإسلام على نفي العصمة عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ما ثبت من وقوع الخلاف بينه وبين ابن مسعود -رضي الله عنه- في مسائل عدة، عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فصوب فيها قول ابن مسعود -رضي الله عنه-، مما يدل على وقوع علي -رضي الله عنه- في الخطأ وعدم عصمته من ذلك (٢). وقد "كان الشافعي -رضي الله عنه- يناظر بعض فقهاء الكوفة في مسائل الفقه فيحتجون عليه بقول علي فصنف كتاب (اختلاف علي وعبد الله بن مسعود) (٣)، وبين فيه مسائل كثيرة تُركت من قولهما؛ لمجيء السنة بخلافه، وصنف بعده محمد بن نصر المروزي (٤) كتابًا أكبرَ من ذلك" (٥)، وضرب شيخ الإسلام بعض الأمثلة التي تُرِكَ فيها قول علي -رضي الله عنه- لمخالفته للمنصوص عن النبي - -صلى الله عليه وسلم-:

أ. منها "أن المعتدة المتوفى عنها إذا كانت حاملاً فإنها تعتدُّ أبعدَ الأجلين، ويروى ذلك عن ابن عباس أيضاً واتفقت أئمة الفتيا على قول عثمان وابن مسعود وغيرهما في ذلك وهو أنها إذا وضعت حملها حلت لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن سبيعة الأسلمية (٦) كانت قد وضعت بعد زوجها بليال فدخل عليها أبو السنابل


(١) منهاج السنة النبوية (٦/ ٤٨٠ - ٤٠٩ - ٤١٠) وطبعتي (٤/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) انظر: العقود الدرية (١٩٧).
(٣) وهذا الكتاب مطبوع ضمن كتاب الأم (٩/ ١ - ٧٠).
(٤) هو أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، إمام في الفقه والحديث والسنة، كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم في الأحكام، له مصنفات منها: تعظيم قدر الصلاة، قيام رمضان وغيرها، (ت: ٢٩٤ هـ). انظر: السير (١٤/ ٣٣)، تهذيب التهذيب (٩/ ٤٨٩).
(٥) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٢٤)، وانظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣١٤)، منهاج السنة (٦/ ٢٩ - ٣٠) وبغية المرتاد (ص:٥٠٠).
(٦) هي امرأة سعد بن خولة، توفي عنها بمكة، فقال لها أبو السنابل بن بعكك: إن أجلك أربعة أشهر وعشر، وقد كانت وضعت بعد وفاة زوجها بليال وتهيأت للخطّاب، فأنكر عليها أبو السنابل، وقال: حتى تعتدّي أربعة أشهر وعشرا، فسألت النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، فأعلمها أن قد حللت. روى عنها فقهاء أهل المدينة وفقهاء أهل الكوفة من التابعين حديثها هذا. انظر: الاستيعاب (٤/ ١٨٥٩) والإصابة (٨/ ١٧١).

<<  <   >  >>