للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت للأمير: وولده هو الذي في حلقة الجيش يعلم ذلك وهو ممن حدثني بهذه القصة.

وأما قفجق فإنهم أدخلوا رجلاً في القبر يتكلم، وأوهموه أن الموتى تتكلم، وأتوا به في مقابر باب الصغير (١) إلى رجل زعموا أنه الرجل الشعراني الذي بجبل لبنان ولم يقربوه منه بل من بعيد لتعود عليه بركته، وقالوا: إنه طلب منه جملة من المال؛ فقال قفجق: الشيخ يكاشف وهو يعلم أن خزائني ليس فيها هذا كله! وتقرب قفجق منه وجذب الشعر فانقلع الجلد الذي ألصقوه على جلده من جلد الماعز فذكرت للأمير هذا؛ ولهذا قيل لي: إنه لما انقضى المجلس وانكشف حالهم للناس كتب أصحاب قفجق إليه كتابًا وهو نائب السلطنة بحماة يخبره بصورة ما جرى.

وذكرت للأمير أنهم مبتدعون بأنواع من البدع مثل الأغلال ونحوها، وأنا نهيناهم عن البدع الخارجة عن الشريعة فذكر الأمير حديث البدعة وسألني عنه فذكرت حديث العرباض بن سارية وحديث جابر بن عبد الله وقد ذكرتهما بعد ذلك بالمجلس العام كما سأذكره.

قلت للأمير: أنا ما امتحنت هؤلاء، لكن هم يزعمون أن لهم أحوالاً يدخلون بها النار وأن أهل الشريعة لا يقدرون على ذلك، ويقولون لنا هذه الأحوال التي يعجز عنها أهل الشرع، ليس لهم أن يعترضوا علينا بل يسلم إلينا ما نحن عليه -سواء وافق الشرع أو خالفه- وأنا قد استخرت الله سبحانه أنهم إن دخلوا النار أدخل أنا وهم، ومن احترق منا ومنهم فعليه لعنة الله وكان مغلوبًا، وذلك بعد أن نغسل جسومنا بالخل والماء الحار (٢).


(١) أحد أشهر مقابر دمشق وأكبرها، تقع خارج باب الصغير، وفيها قبر بلال بن رباح رضي الله عنه، وابن القيم والذهبي رحمهما الله. انظر: معجم دمشق التاريخي (٢/ ٣١٣).
(٢) قال ابن كثير -رحمه الله- حاكياً كلام الشيخ: «ومن أراد منهم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام وليغسل جسده غسلا جيداً ويدلكه بالخل والأشنان» البداية والنهاية (١٤/ ٤١).

<<  <   >  >>