للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الشريف ليس المراد به أنها هي العلامة الفارقة والمميزة الوحيدة، وليس هناك علامة غيرها، بل الحديث ظاهر في أنها إحدى العلامات، وإن كانت هناك علامات أخرى غيرها، ويؤكد ذلك ما يلي:

١. أنه قد جاء في إحدى روايات الحديث، قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لأقولن لكم فيه قولاً لم يقله نبي لأمته؛ إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)، فبين أن سبب تخصيصه لهذه الصفة بالذكر، أنه أول من يبينه ويوضحه من الأنبياء، حيث لم يذكر هذه العلامة أحد قبله.

٢. أنه لو كان هذا هو الدليل الوحيد على كذب هؤلاء لوجب على الأنبياء كلهم أن يبينوا ذلك؛ لوجوب بيان كذبه، وتحذير أمتهم منه، ومع ذلك فقد أخبر في الحديث أنه أول من يبين هذا الأمر وهذا الدليل، فدل على أنها ليست العلامة الوحيدة الفارقة.

٣. أنه قد جاء في الأحاديث نفسها ذكر علامات وأوصاف أخرى للدجال تدل على كذبه في دعواه (١) ومنها أنه (مكتوب بين عينيه كافر (ك ف ر) يقرؤها كل مؤمن) (٢) ومنها: أنه يُرى في الدنيا، وقد أخبر في الحديث: (واعلموا أنّ أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت) (٣)، ومنها: أنه يريد أن يقتل ذلك المؤمن الذي قتله أولا فيعجز عن قتله مرة ثانية (٤) (٥).


(١) انظر: بغية المرتاد (ص:٥١٦ - ٥١٧).
(٢) رواه البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (٧١٣١)، ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٣).
(٣) رواه مسلم باب: ذكر ابن صياد (٢٩٣١).
(٤) حديث أبي سعيد، قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً حديثا طويلا عن الدجال، ثم قال: (فيخرج إليه يومئذ رجل، وهو خير الناس - أو من خيار الناس - فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا، ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه) رواه البخاري، كتاب الفتن، باب لا يدخل الدجال المدينة (٧١٣٢).
(٥) انظر: الجواب الصحيح (١/ ٤١٨) (٦/ ٤١٩).

<<  <   >  >>