عندما كسر إبراهيم -عليه السلام- الأصنام، هل كان ذلك قبل أن يُوحى إليه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن إبراهيم -عليه السلام- قد أنار الله بصيرته وهداه إلى الرشد، فعلم أن الأصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تسمع نداء ولا تجيب دعاء، ولا تضر ولا تنفع، وأنها لا تباين بنات صنفها من سائر الخشب، وأن أباه هو الذي يصنعها. -وكان أبوه نجاراً ينحت الأصنام- كما قال تعالى:"وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ"[الأنبياء:٥١] . وأن الله آتاه رشده من الصغر، فكان قوي العزيمة، ثاقب النظر، يجادل قومه ويناظرهم فيقيم عليهم الحجة ويدمغهم بالبرهان الذي أيده الله تعالى به، وهداه إلى الحق، فعرف بصائب رأيه وثاقب فكره أن الله تعالى واحد أحد.
والمقصود أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده من قبل، أي من قبل بلوغه، وقوله (وكنا به عالمين) أي وكان أهلاً لذلك، ثم قال:"إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون"[الأنبياء:٥٢] هذا هو الرشد الذي أوتيه من صغره: الإنكار على قومه عبادة الأصنام، ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال تعالى:"وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ"[الأنعام:٨٣] .
أما تكسير الأصنام، فإن إبراهيم -عليه السلام- كسَّرها عندما كان شاباً صغير السن، حينما آتاه الله رشده، فاستنكر عبادة الأصنام وحطمها، ولكن أكان قد أوحي إليه بالرسالة في ذلك الحين، أم هو إلهام هداه إلى الحق قبل الرسالة؟ فالأرجح أنه إلهام هداه إلى الحق، وفي ذلك قولهم:"سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم"[الأنبياء:٦٠] . والله أعلم.