عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ ٢٦/١٠/١٤٢٥هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ما قولكم علماءنا الأفاضل في رجل زوج ابنته لرجل آخر، ليس من طينته، أي أنه عبد، وإن لم يكن مملوكًا، واحتج أهله عليه بأن هذا الأمر لا يجب أن يكون؛ لأن ذلك يعتبر خلطًا في الأنساب، ونحن لا نريد اختلاطًا بأقوام آخرين ليسوا من نفس فئتنا، ليس تكبرًا ولكنهم جبلوا على هذا الأمر منذ صغرهم ومن أباهم، وللتوضيح أكثر فإن الرجل أسود والفتاة بيضاء. أفيدونا أفادكم الله وزاد علمكم سعة بحوله وقوته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الكفاءة في التقوى والدين هي الأصل، لقول الله تعالى:( ... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... )[الحجرات: من الآية١٣] . وقوله:( ... وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[البقرة: من الآية٢٢١] . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". أخرجه الترمذي (١٠٨٤) وابن ماجه (١٩٦٧) . أما اشتراط الكفاءة في النسب، فقد قال بها الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- في رواية عنه أخذًا بحديث:"النَّاسُ أَكْفَاءٌ قَبيلةٌ بقبيلةٍ وعربيٌّ لِعَربيٍّ ومَوْلًى إلَّا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ". أخرجه ابن حبان في المجروحين ٢/ ١٢٤والبيهقي ٧/١٣٤ وابن الجوزي في العلل (١٠١٩) . قال أبو حاتم، كما في العلل لابنه ١/٤١٢: كذب لا أصل له. فالكفاءة عنده شرط لزوم لا صحة، بمعنى أنه لو عقد النكاح دون مراعاة الكفاءة في النسب صح النكاح أي عقده صحيح، ولكن لا يلزم منه الدوام، فقد يفرق القاضي بين الزوجين إذا لم يكن أحدهما كفئًا للآخر، إذا كان سيترتب على هذا العقد نزاع يسبب قطيعة الرحم والصلة بين الأقارب، والأئمة الثلاثة لا يشترطون الكفاءة في النسب شرطًا في النكاح، بل الإمام أحمد سئل عن الحديث:"الناس أكفاء..". أتقول به وأنت تضعفه؟ قال:(إنما ضعَّفه أهل الحديث ونعمل به على طريقة الفقهاء) . والخلاصة: إذا كان سيترتب على الزواج من هذا الرجل مفسدة وقطيعة للرحم فلا يجوز؛ لأن الإسلام جاء برعاية المصالح وتكملتها، وبمنع المفاسد وتقليلها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والله أعلم.