[الخروج عن المذهب السائد]
المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٢٥/١٢/١٤٢٦هـ
السؤال
أنا حنفي، فهل أنا خارج عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وما قولكم فيمن يطعن في صلاتنا ويبطلها؟ وما قولكم في ثلة خرجوا عن المذهب بحجة أنهم وجدوا الحقيقة وعرفوا المنهج الصحيح، وأننا خارجون عن المنهج الصحيح، مع العلم أنه لا يوجد فيهم أحد وصل إلى مرحلة علمية مقبولة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فبالنسبة لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- هو أحد المذاهب المعتبرة السنية الفقهية، فإن كان إنكاره عليكم في مسائل الاعتقاد، فأبو حنيفة -رحمه الله تعالى- قد وافق في اعتقاده اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولا أدل على ذلك من كتابه (الفقه الأكبر) ، وما روي عنه في مصنفات الأئمة من كتب الاعتقاد المسندة.
وعلى هذا سار أتباعه من الأحناف -رحمهم الله- إلا ما حدث من متأخريهم من الخلط في بعض مسائل الاعتقاد.
ولعل مقصود السائل هو وقوع الإنكار عليه في مسائل الفقه لا الاعتقاد، وهنا لابد أن تُعلم عدة مسائل أوضحها لك بإيجاز:
المسألة الأولى: أنه لا يجب على المؤمن لزوم شيء من مذاهب أهل العلم، وإنما عليه اتباع الدليل الشرعي.
وعلى العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة أن يسأل أهل العلم -ممن يثق في دينه وأمانته-، كما قال تعالى: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعملون" [النحل:٤٣] .
وقال تعالى: "وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعملون" [الأنبياء:٧] .
فإنه من المعلوم أن أئمة المذاهب الأربعة المتبعة اليوم كلهم أئمة هدى، وما نراه من اختلاف بينهم في بعض المسائل يرجع إلى ما ترجح لكل واحد منهم من أدلة.
وأسباب الخلاف بين أهل العلم معروفة لأهل الشأن.
فالله لم يكلفنا فوق طاقتنا، وإنما أمرنا تبارك وتعالى بسؤال أهل الذكر والعلم، إن كنا لا نعلم.
ومن هنا نقول إن الناس على قسمين: قسم له القدرة على معرفة الدليل واستنباط الأحكام، فهؤلاء عليهم أن يتبعوا الدليل ولا يتقيدوا بما يخالفه، وقسم ليست لهم أهلية لمعرفة الأدلة الشرعية، فهؤلاء لا حرج عليهم في اتباع مذهب معين، بحيث يكون العالم والإمام واسطة في الاتباع، لا مقصوداً أصلاً بالتقليد والتعصب.
المسألة الثانية: قد يكون هذا الذي أنكر عليكم قد وجد الحجة في غير المذهب، وهذا واقع؛ فـ"الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها". وهذا له الخروج من المذهب، بل يتعين عليه اتباع الحق إذا عرفه.
المسألة الثالثة: لا ينبغي التعنيف والتشديد في الخلاف الفقهي -السائغ فيه الاجتهاد- فكل يؤخذ من قوله ويرد، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي قام بالإنكار عليكم، قد يكون وقع له شيء من التعصب، حيثُ وصفكم بالخروج عن المنهج الصحيح، ونحو ذلك من العبارات التي لم تكن في محلها وموضعها.