[قبول هدايا الكفار في أعيادهم]
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٣٠/١٢/١٤٢٦هـ
السؤال
أسلمت وعلاقاتي متوترة مع أقربائي. وفي عيد الميلاد المسيحي يقدم بعضهم هدايا لبعض، وأنا إلى الآن أقبل هذه الهدايا، لأنه يحزنهم كوني لا أشاركهم في المأدبة التي يقيمونها بهذه المناسبة، حيث يحضر كل أفراد الأسرة إلا أنا، لكنني أشك الآن في شيء: هل يجوز لي أن أقبل هداياهم، علما بأني اشترطت عليهم أن يقدموها لي بعد مضي عيد الميلاد بأسبوع على الأقل؟
وهل يمكنكم أن تقدموا لي نصائح قد تفيد جميع حديثي العهد بالإسلام ممن يواجهون الصعوبات نفسها؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالجواب فيه تفصيل:
أولاً: الأصل أنه لا تجوز مشاركة اليهود والنصارى وغيرهم من الملل في أعيادهم ولا في شعائر دينهم، ولا تجوز تهنئتهم بها، كتهنئتهم بعيد الميلاد أو بعيد رأس السنة؛ لأن تهنئتهم بشعائر الكفر معناها الرضى بهذه الشعائر لهم، وهذا مخالف لما تقتضيه أدلة الشريعة، وكذلك لا يجوز الإهداء لهم في أعيادهم من باب أولى.
ثانياً: أما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فلا حرج فيه؛ لما ورد عن علي -رضي الله عنه- أنه أُتي بهدية النيروز فقال: ما هذه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز. قال: فاصنعوا كل يوم فيروزاً، قال أبو أسامة -أحد الرواة-: كره -رضي الله عنه- أن يقول: نيروزاً". رواه البيهقي في السنن (٩/٢٣٥) ، وروى ابن أبي شيبة في المصنف (٢٤٣٦١) أن امرأة سألت عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن لنا أظآراً من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، قالت: أما ما ذُبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم.
والأظآر: جمع ظئر وهي المرضعة لغير ولدها، ولعل المقصود هنا الأقارب من الرضاعة، قاله الشيخ/ ناصر العقل.
وروى ابن أبي شيبة أيضًا (٢٤٣٦٢) عن أبي برزة -رضي الله عنه- أنه كان يقول، لأهله إذا أهدي لهم في النيروز والمهرجان: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر هذه الآثار: فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم. ا. هـ
وأما الذبائح فلا تحل؛ لأن ذبائح المجوس غير مباحة.
ثالثاً: وأما معاملتهم فإن معاملة الإنسان لغيره لا تخلو من ثلاث حالات؛ إما أن يعامل بالإحسان، وإما أن يعامل بالعدل، وإما أن يعامل بالجور والظلم.
فأما المعاملة بالجور والظلم فهي محرمة لا تجوز حتى في حق غير المسلمين، وأما المعاملة بالعدل فهي واجبة مع كل أحد ولو مع البغض، قال الله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة: ٨] . والشنآن أشد الكراهية.
وأما المعاملة بالإحسان فمستحبة مؤكدة مع المودة في حق المسلمين, ولا بأس بها في حق غير المسلمين بشرطين:
الأول: ألا يصاحب ذلك مودة.