أعاني من التشاؤم بالشر، وأنا أصلي الصلوات الخمس، وأحافظ على الصلاة -ولله الحمد- وأدعو ربي، لكن لدي التفاؤل بالشر، فهل المتفائل بالشر يجده؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
التشاؤم مضاد للتوكُّل على الله، يفتح باب الخوف والتعلُّق بغير الله، ويفسد القلب والإيمان، ويفضي بصاحبه إلى المعصية والشرك عند الاستسلام له، وكم هلك به من أحد فخسر الدنيا والآخرة، بخلاف التفاؤل الصالح السار للقلوب المؤيد للآمال، الفاتح باب الرجاء المسكن للخوف، الرابط للجأش، الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه، والاستبشار المقوي للأمل المفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، ولهذا أبطل الشرع التشاؤم ونهى عنه وأحب التفاؤل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، كما رواه ابن ماجة (٣٥٣٦) من حديث عائشة -رضي الله عنها- فعليك بفعل الأسباب في الأمور التي تتشاءم بها، فمثلاً عند ركوبك السيارة تفعل الأسباب، وتأخذ حذرك عند قيادتها، وتحافظ على أدوات السلامة وتحذر من السرعة، وتتوكل على الله، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك إلا بإذن الله وقضائه وقدره، وعليك بذكر الله -تعالى- والدعاء المأثور في ركوب الدابة، قال علي بن ربيعة: شهدت علياً - رضي الله عنه- أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"، ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك! فقيل يا أمير المؤمنين من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ما فعلت ثم ضحك فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟ فقال: إن ربك - سبحانه وتعالى- يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري" رواه أبو داود (٢٦٠٢) ، والترمذي (٣٤٤٦) وصححه، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون، تائبون، عابدون لربنا حامدون"، وفي وجه آخر وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا.
وأنت إذا كنت -كما ذكرت - محافظاً على الصلوات، وحريصاً على ذكر الله، كنت في كنف الله وحفظه، والله خير حافظاً، وبهذا يزول التشاؤم - إن شاء الله-. والله أعلم.