[زنى بها ثم تزوجها وهي حامل منه!]
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٢٨/٠٢/١٤٢٧هـ
السؤال
زنى رجل بامرأة ثم حبلت بالزنى، ثم تزوجها قبل أن تضع بثلاثة أشهر. فما حكم المولود مع أم الرجل وأخواته، هل يجوز له الخلوة بهن؟ وهل يجوز للرجل نسبة الولد إليه؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الزنا جريمة عظيمة، ونكاح الحامل أيضاً باطل.
أما بخصوص الولد فمن العلماء من رأى إلحاقه بأبيه من الزنا إن لم تكن المرأة فراشاً لغيره؛ حفظاً لنسبه من الضياع ولئلا يعير، فقد جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية تأليف البعلي (ص٤٠٠) ما نصه: (وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه، وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق) .
وجاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية -رحمه الله- (٣٢/١١٣) : إن لم تكن المرأة -أي المزني بها- فراشاً: قولان للعلماء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" فجعل الولد للفراش دون العاهر، فإن لم تكن المرأة فراشاً لم يتناوله الحديث، وقد ألحق عمر أولاداً ولدوا في الجاهلية بآبائهم، وليس هذا موضع بسط المسألة) .
وجمهور العلماء على أنه لا يلحق بمن زنا، فالولد ولد زنا فهذا القول في نظري هو القول الراجح، بل الأصح من قولي العلماء.
وبناءً عليه فالجواب عن السؤال: أن نقول للسائل: إذا كان الواقع ما ذكرته من حمل المرأة من الزنا قبل أن تتزج بها فالولد ولد زنا، ولا يلحق بمن زنا بها نسباً وإنما ينسب لأمه، ثم إنَّ الزواج باطل، وعليكما تجديده بالوجه الشرعي إذا كان كل واحد منكما يرغب في الآخر.
كما عليكما أن تتوبا إلى الله وتستغفراه وتعزما على ألاَّ تعودا لمثل فعلكما وتندما على ما فات، والتوبة تجب ما قبلها، قال تعالى: "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" [الفرقان: ٦٨-٧٠] .
وقال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر: ٥٣] .
هذا وليعلم السائل أنه على القول الأصح من قولي العلماء كما تقدم هو القول: (أن الولد لا يلحق بالزاني نسباً) فهو ولد زنا، وبناءً عليه فليس محرماً لأمه وأخواته وسائر محارمه فهو أجنبي. والله أعلم.