وهذه المحبة من أجلّ أعمال القلوب التي لا يتحقق إيمان العبد وتوحيده إلا بتحقيقها وإخلاصها والبراءة ممن خالفها، قال –تعالى-:"قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ... "[الممتحنة:٤] .
بل قد تبرأ إبراهيم الخليل –عليه السلام- الذي لنا فيه أسوة حسنة من أقرب الناس إليه وهو أبوه لما لم يحقق لا إله إلا الله، قال –تعالى-:"وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ"[التوبة:١١٤] .
إذاً فلا يمكن أن يجتمع في قلب عبد مسلم محبة الله –تعالى- ورسوله –عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين مع محبة كافر محاد لله –تعالى- مكذب برسوله –صلى الله عليه وسلم- مهما كانت قرابته ومهما كانت علاقته بالمسلمين؛ لأنه لا يتصور تحقيق محبة الله وامتلاء القلب بتعظيم الله وإجلاله مع محبة من يزعم أن لله ولداً أو أن الله ثالث ثلاثة، كما لا يتصور تحقيق محبة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والشهادة الحقة له بالرسالة مع محبة من يكذب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ويطعن في رسالته، وهذه من المسلمات العقدية التي لا مجال فيها للخلاف.