ومما يؤسف أن هذه الدعوة الفاجرة وجدت آذاناً صاغية في عقول وقلوب بعض أبناء المسلمين قليلي العلم وضعيفي الإيمان، قاصري العقول من الذين انبهروا بالغرب وتقاليده وغشيت بصائرهم عن حقائق دين الإسلام وما فيه من خير ونفع ومصلحة.
ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أنه ما من شيء أمر الله به إلا وهو يحبه ويرضاه، وفيه مصلحة للخلق ونفع، وتنفيذه يجلب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع.
وما من شيء نهى الله عنه إلا وهو يكرهه ويبغضه، وفيه مفسدة للخلق ومضرة، وارتكابه يجلب الشر والتعاسة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع.
ومقتضى كون المسلم مسلماً أن يستسلم لأمر الله ونهيه بغير تردد ولا حرج، كما قال تعالى:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"[الأحزاب: ٣٦] .
بل لا يكون المرء مسلماً إلا باتباعه أمر الله، والتزامه بشريعته وحكمه في كل قضية من القضايا، كما قال تعالى:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً"[النساء: ٦٥] .
ومن يدعي أن الفكر الليبرالي حرية، وأن الإسلام نقيض الحرية فهو ظالم جاهل.
(١) ظالم لأنه لم يعرف الإسلام، فحكم عليه بهذا الحكم الجائر، المخالف للواقع، وظالم لنفسه لأنه بمثل هذا المعتقد يصل إلى دركات من الإثم خطيرة عليه في آخرته٠
(٢) وجاهل لأنه لم يعرف الإسلام حق المعرفة، ولم يعرف الليبرالية والعلمانية حق المعرفة.
فمن عرف الإسلام معرفة حقيقية عرف كم فيه من خير ومصلحة للبشرية، وعرف كم في خلافه من شر ومفسدة وبلاء وفتنة، لا يمكن أن يفضل الليبرالية الأرضية الجاهلية على دين الإسلام الرباني المحكم.
والزعم بأن الحرية الشخصية أساس في كل شيء، من كان يريد أن يصلي فليصل، ومن يريد أن يصوم فليصم، ومن أرادت الحجاب فلتتحجب، ومن لا تريد فتلك حرية شخصية.