في أن الأدلة العقلية لا تستقل بإفادة الحكم الشرعي، وعليه فإنها لا تستعمل في هذا العلم - علم الأصول - إلا مرتبة على الأدلة النقلية. وفي ذلك يقول المصنف:"لا تدخل الأدلة العقلية" والدليل العقلي هو ما استقل العقل بإدراكه فلم ينتزعه من شرع ولا من عادة، وذلك مثل إدراكه ان الواحد نصف الاثنين، وإن الكل اكبر من الجزء وإن التناقض محال، وما يبنى على هذا من الأحكام النظرية، كل ذلك وما اشبهه لا يدخل "ذا العلم" يعني علم أصول الفقه "إلا" لكي "تخدم" الأدلة "النقلية" نصوص الكتاب والسنة، وسبيل خدمتها لها، منها: أن الأدلة العقلية يتوسل بها إلى معرفة مضامين هذه النصوص والمقاصد الكلية المقصود تحصيلها بها، إلا ترى إلى استقراء الأدلة الشرعية لمعرفة القواعد الكلية التي تنظمها، فإن ذلك انما يحصل بالانتزاع العقلي لهذه القواعد من أحوال تلك الأدلة، وفي اثناء ذلك لا بد من استعمال ما يتوصل به من الأدلة العقلية إلى هذا الانتزاع. ثانيها: سوق الأدلة النظرية في تحقيق الدلالة اللفظية، فيؤخذ باليقين - كدلالة الأمر على الندب - أو بالاحتياط - كدلالة الأمر المجرد على الوجوب -. ثالثها: تحقيق ماهية موضوع البحث والنظر وتحديدها وكونها من جهة العقل ثابتة ولا يكون إلا بخلوها من التناقض انظر حقيقة الاستثناء مثلا). رابعها: جعل الجامع بين المقيس والمقيس عليه علة عقلية. خامسها: تحقيق مناط الحكم واستخراجه. وإذا تأملت أحوال هذه المواطن كلها وجدت ان العقل ليس فيها إلا آلة يتوسل بها إلى دراسة النصوص الشرعية، ومعرفة مقتضياتها، وما يعتريها من أحوال.
وعليه "فالعقل في" إثبات "المشروع" من الأحكام في هذا الدين "لا مجال" أي لا محل "له إلا بقدر" ما ترشده وتوجهه إلى كشفه دلالة "النقل" يعني الدليل النقلي - النصوص الشرعية - وذلك المجال محصور "فيما احتمله" النقل - الدليل النقلي - من معنى شرعي أو لغوي، فيكون قصارى عمل العقل في هذا الشأن، الكشف واستخراج