ونحوهما من كل ما ليس في استطاعة البشر رفعه والتخلص منه. فكل ذلك لا يطلب شرعا الإتيان به ولا رفعه "وإنما يطلب" شرعا ما هو مقدور عليه وهو "قهر النفس" وضدها "عن الميل" إلى إتيان الفعل "الممنوع" المحرم الجاري "في غير سنن" أي سبيل شرعي ما. "و" كذلك يطلب شرعا "أن يكون" المكلف "حالة الإرسال" يعني إرساله النفس "لما" يعني فيما "يحل" ويباح "على الاعتدال" وهو ترك طرفي السرف: الإفراط، والتفريط. "و" إذا علم هذا وتقرر فإن "ذاك" التكليف بالأمور التي لا تطاق "راجع" أمره "لـ" لتكليف بـ "الأفعال التي تنشأ" وتترتب "عنها" والتي تحصل "باكتساب" وتسبب "مثبت" بقدرة البشر. فالغضب - مثلا - ونحوه مما نهى عنه وهو من الغرائز، يصرف النهي فيه إلى ما ينشأ عنه من أفعال منكرة أو إلى ما ينشأ هو عنه من أسباب، وهكذا الحكم في ما يشبهه. وسيأتي مزيدا على هذه المسألة.
"المسألة الثالثة"
في بيان أن الأوصاف التي لا قدرة للإنسان على جلبها ولا دفعها بأنفسها على ضربين:"وما" هو "من الأوصاف" اللازمة "للإنسان" مغروزا و"مركبا في طبعه" وخلقته "ضربان" أي نوعان.
أحدهما:"مشاهد" أي مدرك بالمشاهدة أي "يحس" أي يدرك "بالعيان" والرؤيا. كما يدرك بالحواس الأخرى، "و" الثاني "مختف" أي خفي باطني، لا يحكم بوجوده حتى "يثبت" ذلك الوجود "بالبرهان" والدليل القاضي بذلك. مثال الأول: ما تقدم ذكره من شهوة الطعام والشراب، وما عليه الخلقة من طول وقصر ونحوهما.
ومثال الثاني: العجلة فإن ظاهر القرآن أنها مما طبع الإنسان عليه، لقوله تعالى: