للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٧٢ - ثَانِيَةُ الْحَالَيْنِ فِي الْإيثَارِ … بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ بِالاخْتِيَارِ

١٣٧٣ - وَذَاكَ مَعْنَى الْجُودِ وَالتَّوَكُّلِ … وَانْظُرْ لِمَا قَدْ جَاءَ فِيهِ عَنْ عَلِي

١٣٧٤ - بَلْ لِلَّذِي جَاءَ عَنِ الرَّسُولِ … فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ

والهبة، والصدقة وغير ذلك مؤكد لهذا المعنى وجميعه جار على أصل مكارم الأخلاق وهو لا يقتضى استبدادا، وعلى هذه الطريقة لا يلحق العامل ضرر إلَّا بمقدار ما يلحق الجميع أو أقل ولا يكون موقعا على نفسه ضررا ناجزا وإنما هو متوقع أو قليل يحتمله في دفع بعض الضرر عن غيره وهو نظر من يعد المسلمين كلهم شيئًا واحدا على مقتضى قوله عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا) وقوله: (المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وقوله: (المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه) وسائر ما في المعنى من الأحاديث إذ لا يكون شد المؤمن للمؤمن على التمام إلَّا بهذا المعنى وأسبابه وكذلك لا يكونون كالجسد الواحد إلَّا إذا كان النفع واردا عليهم على السواء كل أحد بما يليق به كما أن كل عضو من الجسد يأخذ من الغذاء بمقداره قسمة عدل لا يزيد ولا ينقص فلو أخذ بعض الأعضاء أكثر مما يحتاج إليه أو أقل لخرج عن اعتداله وأصل هذا من الكتاب ما وصف الله به المؤمنين من أن بعضهم أولياء بعض وما أمروا به من اجتماع الكلمة والأخوة وترك الفرقة وهو كثير إذ لا يستقيم ذلك إلَّا بهذه الأشياء وأشباهها مما يرجع إليها (١).

هذه هي الحالة الأولى. "ثانية الحالين" تظهر "في الإيثار" أي التقديم والتفضيل للغير "بالمال والنفس" ويكون حصول ذلك "بالاختيار" والرضى "وذاك" الإيثار هو "معنى الجود" والسخاء، بل هو عمل لا يصدر إلَّا عمن كان معتمدا على صحة اليقين، "و" مصيبا لعين "التوكلِ" على الله - تعالى - "وانظر " لتكون على بصيرة بما عليه السلف في هذ الشأن "لما قد جاء فيه" أي في هذ الشأن والأمر "عن" أمير المؤمنين "علي" بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو مبيته على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عزم الكفار على قتله - عليه الصلاة والسلام - وهو أمر مشهور، وخبر مأثور. "بل" انظر "للذي جاء" مرويا "عن الرسول" - عليه الصلاة والسلام - "فيه" أي في هذا الشأن - الإيثار على النفس - "على" سبيل "الجملة" ككونه أجود الناس وما أشبه ذلك من الأخبار العامة الواردة في هذا الشأن "و" ما جاء في ذلك على سبيل "التفصيل" ومن ذلك ما روي أنه - عليه الصلاة والسلام -


(١) الموافقات ٢ ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>