للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغصوبين! أم كيف أستجيبُ لهم دعاءَهم، إنما هو قولٌ بألسنتهم والفعلُ من ذلك بعيدٌ وإنما أستجيبُ للوادع (١) اللَّينِ، وإنما أَسْمَعُ مِن قول [المُستعفُّ المُستكين] (٢)، وإِنَّ من علامة رضاى رضا المساكين، فلو رحموا المساكينَ، وقرَّبوا الضُّعفاءَ، وأنصَفوا المظلومَ، ونصَروا المغصوبَ، وعدَلوا للغائب، وأدَّوا إلى الأرملة واليتيم والمسكين، وكلِّ ذي حقٍّ حقَّه، ثم (٣) كان يَنبَغِي أن أُكَلِّمَ (٤) البشَّرَ إِذَنْ لكلَّمتُهم، وإذن لكنتُ نورَ أبصارهم، وسَمْعَ آذانِهم، ومعقولَ قلوبهم، وإذن لدعمتُ أركانهم، فكنتُ قوّةَ أيديهم وأرجلهم، وإذن لثبَّتُ ألسنتَهم وعُقولَهم، يقولون لما سمعوا كلامي، وبلَغتهم رسالاتي، بأنها أقاويلُ منقولةٌ، وأحاديثُ متوارثةٌ، وتأليفُ مما تُؤَلِّفُ السحرةُ والكهنةُ، وزعَموا أنهم لو شاءوا أن يأتُوا بحديث مثلِه فعَلوا، وأن يَطَّلعوا على الغيبِ بما تُوحِى إليهم الشياطينُ اطلعوا، وكلُّهم يَستخفى بالذي يقولُ ويُسِرُّ، وهم يَعْلَمُون أنى أعْلَمُ غيبَ السماوات والأرض، وأعلمُ ما يُبدون وما يَكْتُمون، وإني قد قضَيتُ يوم خلقتُ السماواتِ والأرضَ قضاءً أثبتُّه على نفسى، وجعَلتُ دونَه أجلًا مؤجَّلًا، لابد أنه واقعٌ، فإن صدَقوا بما يَنتَحِلون من علمِ الغيبِ، فليُخبرُوك متى أُنفِذُه، أو في أيِّ زمانٍ يكونُ، وإن كانوا يَقدرون على أن يأتوا بما يشَاءون، فليأتوا بمثل القدرة التي بها أُمْضى (٥)، فإني مُظْهِرُه على الدين كلِّه ولو كره المشركون، وإن كانوا يقدرون على أن يقولوا ما يشَاءون فليُؤَلِّفوا مِثلَ الحكمة التي أُدبِّرُ بها أمرَ ذلك القضاء إن كانوا صادقين، فإنى قد قضَيتُ يومَ خَلَقتُ السماواتِ


(١) في م: "للداعي".
(٢) في م: "المستضعف المستكين"، وفى تفسير البغوي: "المستعفف المسكين".
(٣) بعده في م: "لو".
(٤) في ص، ت ٢: "أكل"، وفى ف: "أكمل".
(٥) في م: "أمضيت".