القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٦)﴾.
يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَلَا تَأْسَ﴾: فلا تحزَنْ. يقالُ منه: أَسِيَ فلانٌ على كذا يَأْسَى أَسًى، وقد أَسِيتُ من كذا، أي: حزِنتُ. ومنه قولُ امرئِ القيسِ (١):
وقوفًا بها صَحْبى عليَّ مَطِيَّهُمْ (٢) … يقولون لا تَهْلِكُ أَسًى وتَجَمَّلِ
يعني: لا تَهْلِكُ حزنًا.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذُكر من قال ذلك
حدَّثني المثنى، قال: حدثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَلَا تَأْسَ﴾ يقولُ: فلا تحزَنْ (٣).
حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. قال: لما ضُرِب عليهم التيهُ، ندِم موسى ﷺ، فلما ندِم أَوْحَى اللهُ إليه: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾: لا تحزنْ على القومِ الذين سمَّيتُهم فاسقين [فلم يَحْزَنْ] (٤).
القولُ في تأويلِ قولهِ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)﴾.
(١) ديوانه ص ٩.
(٢) المَطِيَّة: البعير يمتطي ظهره، وجمعه المطايا، يقع على الذكر والأنثى. اللسان (م ط ى).
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٢ إلى المصنف وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.
(٤) سقط من: م، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فلا تحزن". والمثبت مما تقدم في ١/ ٧٠٧، وينظر تخريجه هناك، وفي ص ٢٣٧.