واحدتُها خَيْرَةٌ، كما قال الشاعرُ (١):
ولقد طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ (٢) … رَبَلَاتِ هندٍ خَيْرةِ المَلِكاتِ
والخيرةُ مِن كلِّ شيْءٍ: الفاضلةُ.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. يقولُ: وأولئك هم المُخَلَّدون في الجناتِ، الباقون فيها، الفائِزون بها.
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩)﴾.
يقولُ تعالى ذكرُه: أعدَّ اللهُ لرسولِه محمدٍ ﷺ والذين آمَنوا معه جَنَّاتٍ، وهى البساتينُ تَجْرِى مِن تحتِ أشجارِها الأنهارُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: لابثِين فيها، لا يموتون فيها، ولا يَظْعَنون عنها، ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. يقولُ: ذلك النَّجَاءُ العظيمُ، والحظُّ الجزيلُ.
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٠)﴾.
يقولُ تعالى ذكرُه: وَجاءَ رسولَ اللهِ ﷺ المُعْتَذِرُونَ (٣) مِن الأَعْرَابِ ليؤذنَ لهم في التَّخَلُّفِ، وقَعَدَ عن المجيءِ إلى رسولِ اللهِ ﷺ والجهادِ معه الذين كذَبوا الله ورسُولَه، وقالوا الكذبَ، واعْتَذَروا بالباطلِ فيهم. يقولُ تعالى ذكرُه: سيُصيبُ
(١) هو رجل جاهلى من بنى عدى؛ عدى تميم، والبيت في مجاز القرآن ١/ ٢٦٧ واللسان (خ ي ر).
(٢) هي جمع ربلَة أو رَبَلَة، وهى كل لحمة غليظة، وقيل: هي ما حول الضرع والحياء من باطن الفخذ، وقيل: هي باطن الفخذ. وهذا الأخير هو المناسب هنا. ينظر اللسان (ر ب ل).
(٣) في ص، م: "المعذرون".