وصارت لهم كما قال اللهُ جلَّ وعزّ، وإنما قال لهم موسى: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾. يعنى بها: كتَبها اللهُ لبنى إسرائيلَ، وكان الذين أمَرهم موسى بدخولِها من بنى إسرائيلَ، ولم يعنِ ﷺ أن الله تعالى ذكرُه كتَبها للذين أمرَهم بدخولِها بأعيانِهم.
ولو قال قائلُ: قد كانت مكتوبةً لبعضِهم ولخاصٍّ منهم، فأُخْرِج الكلامُ على العمومِ والمرادُ منه الخاصُّ، إذ كان يُوشَعُ وكالبُ (١) قد دخَلاها، وكانا ممن خُوطِب بهذا القولِ - كان أيضا وجهًا صحيحًا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاقَ.
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ: ﴿الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾: التي وهَبَ اللهُ لكم (٢).
وكان السُّديُّ يقولُ: معنى ﴿كَتَبَ﴾ في هذا الموضعِ بمعنى "أمَر".
حدَّثنا بذلك موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾: التي أمَركم اللهُ بها (٣).
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١)﴾.
وهذا خبرٌ من اللهِ عزَّ ذكرُه عن قيلِ موسى ﵇ لقومِه من بنى إسرائيلَ، إذ أمَرهم عن أمرِ اللهِ عزَّ ذكرُه إِيَّاه بدخولِ الأرضِ المقدَّسةِ، أنه قال لهم: امْضُوا أيها القومُ لأمرِ اللهِ الذي أمَركم به من دخولِ الأرضِ المقدَّسةِ، ﴿وَلَا تَرْتَدُّوا﴾. يقولُ:
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "كلاب". وينظر ما تقدم في ٤/ ٤١٨.
(٢) ذكره الطوسى في التبيان ٣/ ٤٨٢، والبغوى في تفسيره ٣/ ٣٦، وأبو حيان في البحر المحيط ٣/ ٤٥٤.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٠ إلى المصنف، وينظر تفسير البغوي ٣/ ٣٦، والبحر المحيط ٣/ ٤٥٤.