للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك آخرون: (وعُبُدَ الطاغوتِ) ذُكِر ذلك عن الأعمشِ (١). وكأن مَن قرَأ ذلك كذلك أراد جمعَ الجمعِ مِن العبدِ، كأنه جمَع العبدَ عبيدًا، ثم جمَع العبيدَ عُبُدًا، مثلَ ثِمارٍ وثُمُرٍ.

وذُكِر عن أبي جعفرٍ القارئَ أنه كان يَقْرَؤُه: (وعُبِدَ الطاغوتُ).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: كان أبو جعفرٍ النَّحْوِيُّ يَقْرَؤُها: (وعُبِدَ الطاغوتُ) كما تقولُ: ضُرِب عبدُ اللَّهِ (٢).

قال أبو جعفرٍ: وهذه قراءةٌ لا معنَى لها؛ لأن اللَّهَ تعالى ذكرُه إنما ابْتَدَأَ الخبرَ بذمِّ أقوامٍ، فكان فيما ذمَّهم به عِبادتُهم الطاغوتَ، وأما الخبرُ عن أن الطاغوتَ قد عُبِد، فليس مِن نوع الخبرِ الذي ابْتَدَأ به الآيةَ، ولا مِن جنسِ ما ختَمَها به، فيَكونَ له وجهٌ يُوَجَّهُ إليه في (٣) الصحةِ.

وذُكِر أن بُرَيْدَةَ الأَسْلميَّ كان يَقْرَؤُه: (وعابِدَ الطاغوتِ) (٤).

حدَّثني بذلك المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا شيخٌ بَصْريٌّ، أن بُرَيْدَةَ كان يَقْرَؤُه كذلك (٥).

ولو قُرِئ ذلك: (وعَبَدَ الطاغوتِ). بالكسرِ، كان له مخرجٌ في العربيةِ صحيحٌ، وإن لم أَسْتَجِزِ اليومَ القراءةَ بها؛ إذ كانت قراءةُ الحُجَّةِ مِن القَرَأَةِ بخلافِها، ووجهُ جَوازِها في العربيةِ أن يَكونَ مُرادًا بها: وعَبَدةُ الطاغوتِ. ثم حُذِفَت الهاءُ مِن


(١) البحر المحيط ٣/ ٥١٩، والقراءة شاذة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٥ إلى المصنف، وينظر تفسير ابن كثير ٣/ ١٣٥.
(٣) في م: "من".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الشيطان". والقراءة شاذة لا تجوز القراءة بها.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٥ إلى المصنف، وينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ٤٠.