للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾. فإن القَرأةَ اختَلفت في قراءتِه؛ فقرَأته عامةُ القَرأةِ في جميعِ أمصارِ الإسلامِ: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾. برفعِ اسمِ (اللَّه)، على معنى: بحِفْظِ اللَّهِ إياهنَّ إذ صَيَّرَهن كذلك.

كما حدَّثني زكريا بنُ يحيى بنِ أبي زائدةَ، قال: ثنا حجاجٌ، قال: قال ابنُ جُرَيج: سألتُ عطاءً عن قولِه: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾. قال: يقولُ: حَفِظَهِنَّ اللَّهُ (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا حِبَّانُ بنُ، موسى، قال: أخبَرنا ابنُ المباركِ، قال: سمِعتُ سُفيانَ يقولُ في قولِه: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾. قال: بحِفْظِ اللَّهِ إيَّاها أنه جعَلها كذلك (٢).

وقرَأ ذلك أبو جعفرٍ يزيدُ بنُ القَعْقَاع المَدَنىُّ (٣): (بما حفظ اللَّه) (٤) يعنى: بحفظهنَّ (٥) اللَّه في طاعتِه، وأداءِ حَقِّه بما (٦) أمرهنَّ مِن حِفْظِ غَيْبِ أَزواجهنَّ، كقولِ الرجلِ للرجلِ: ما حَفِظْتَ اللَّه في كذا وكذا. بمعنى: راقَبْتَه [ولا حَظْتَه] (٧).

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ من القراءةِ في ذلك ما جاءت به قرأةُ المسلمين مِن القراءةِ مَجِيئًا يقطَعُ عُذْرَ مَن بَلَعَه، ويُثْبِتُ عليه حُجَّته، دونَ ما انفرَد به أبو جعفرٍ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٥١ إلى المصنف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٤١ (٥٢٥٩) من طريق ابن المبارك به.
(٣) تابعى أحد القراء العشرة كان إمام أهل المدينة في القراءة، تصدى لإقراء القرآن دهرًا، قليل الحديث، وثقه ابن معين والنسائى. معرفة القراء الكبار للذهبى ص ٥٨.
(٤) النشر ٢/ ١٨٧.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حفظهن".
(٦) في ص، ت ٢: "فيما".
(٧) في ص، ت ١، ت ٣: "ولا خفته".