للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخْبرَني عبدُ اللهِ بنُ كَثيرٍ، عن عُبيدِ بن عُميرٍ قال: جاء أبو سفيانَ بنُ حربٍ ومَن معه حتى وقَف بالشِّعْبِ، ثم نادَى: أفى القوم ابن أَبي كَبْشَةَ؟ فسكَتوا، فقال أبو سفيانَ: قُتِل وربِّ الكعبةِ. ثم قال: أفى القومِ ابن أبي قُحافةَ؟ فسكَتوا، فقال: قتِل وربِّ الكعبةِ. ثم قال: أفى القوم ابن الخطابِ؟ فسكَتوا، فقال: قُتل وربِّ الكعبةِ. ثم قال أبو سفيانَ اعْلُ هُبَلُ، يومٌ بيومِ بدرٍ، [والحربُ سجالٌ] (١) وحَنْظلةُ بحنظلةَ، وأنتم واجِدون في القومِ مُثَلًا لم تكُنْ عن رأى سَراتِنا وخِيارِنا، ولم نَكْرَهُه حين رأَيْناه. فقال النبيُّ لعمرَ بن الخطابِ: "قُم فنادِ، فقل: اللهُ أَعْلَى وأجَلُّ، نعم، هذا رسولُ اللهِ، وهذا أبو بكرٍ، وهأنذا، لا يَسْتَوِى أصحابُ النارِ وأصحابُ الجنةِ، أصحابُ الجنةِ هم الفائزون، قَتْلانا في الجنةِ، وقَتْلاكم في النارِ".

وقال آخرون في ذلك بما حدَّثني به محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾: فرجَعوا فقالوا: واللهِ لَتَأْتِيَنَّهم، ثم لَنَقْتُلَنَّهم، قد جرَحوا (٢) منا. فقال رسولُ اللهِ : "مَهْلًا، فإنما أصابكم الذي أصابكم من أجلِ أنكم عصَيْتُمونى". فبينما هم كذلك، إذ أتاهم القومُ قد ائْتَشبوا (٣)، وقد اخْتَرَطوا سيوفَهم (٤)، فكان عمُّ الهزيمةِ وغَمُّهم حينَ أتَوْهم، ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ مِن القتلِ ﴿وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾ مِن الجِراحةِ، ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا﴾ الآية. وهو يومُ أحدٍ (٥).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "خرجوا".
(٣) في الأصل، وتفسير ابن أبي حاتم، والدر المنثور: "أيسوا"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أنسوا"، وغير منقوطة في ص، ولعل المثبت هو الصواب، يقال: ائتشب القوم: اجتمعوا.
(٤) اخترطوا سيوفهم: سلوها من أغمادها.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٩٠، ٧٩١ (٤٣٤٣، ٤٣٤٥) عن محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم.